في مؤلفاتهما وغالب مصنفات صاحب الترجمة ينهج نهج فيها هذه المناهج، فيجمع بين طول النفس واستيفاء الأطراف كابن القيم وبين حسن الأسلوب وتوزيع الفوائد وتنويع [13أ-ج] الأبحاث وذكر الأوجه كابن دقيق العيد، وبين جودة الوضع وتحقيق المسائل والفحص عن الأدلة كالعلامة الجلال ولقد أعطاه الله تعالى ملكة في العلوم يعجز البلغاء عن التعبير عنها، فإنها تورد عليه مثلا مثل المسألة الفرعية فيمزجها بالقواعد الأصولية، والقوانين الآلية ويربطها بالضوابط الكلية، ويورد لها الأشباه والنظائر، ويستدل عليها بالدلائل النقلية، والقياسات التمثيلية وأو المنطقية، حتى يبتهت السامع المحقق، ويتحير اللبيب الحاذق، وكذلك إذا أوردت عليه المسألة الأصولية خرج عليها المسائل الفرعية، وفرع عليها الأحكام الجزئية، وأورد ما يناسبها وأشباهها ونظائرها وما يرد عليها ودليلها وما يختاره فيها ومزجها بالقواعد النحوية والبيانية، والقضايا المنطقية حتى يتخيل للسامع أنه يستملي من كتاب ويظن من لم يمارسه أنه لا يعرف إلا تلك المسألة لما يرى من شدة تحقيقه لها وجودة بحثه فيها، وطالما رأيته يجيب في الفتاوي بالجوابات التي لا يقدر عليها غيره من دون أن ينظر في كتاب أو يبحث لها في باب، وكان يسأل طلبته المحققين عن موضع قراءتهم على غيره من المشايخ المشائخ في أي فن فإذا أجاب الطالب بأنه بلغ الدرس إلى موضع كذا وكذا، أو مسألة كذا وكذا، أورد عليه إشكالات في ذلك الموضع، أو في تلك المسألة لا يكاد ينقضى عنها أحد، حتى يخجل الطالب لقرب عهده بالبحث ومروره فيه من غير خطور تلك المشكلات في باله، أو بال شيخه، ثم يجيب صاحب الترجمة عنها بأحسن الأجوبة، وطالما أوردت عليه أنا وغيري مباحثا يظن أنها تحتاج إلى مزيد بحث، وفضل تأمل فيبحث عنها بسرعة كأنه لا يعرف إلا تلك فقط، وكثيرا ما يراجعه المحققون بأبحاث قد حققوها ونظروا فيها قبيل مجيئهم إليه، فيراجعهم حتى
Shafi 78