وهذا عندي - أنا - هو الصحيح؛ لأني نظرت في شعر أبي تمام والبحتري وتلقطت محاسنهما، ثم تصفحت شعريهما بعد ذلك على مر الأوقات؛ فما من مرة إلا وأنا الحق في اختيار شعر البحتري ما لم أكن اخترته من قبلن وما أعلم أني زدت في اختيار شعر أبي تمام ثلاثين بيتًا على ما كنت اخترته قديما.
٢٣ - قال صاحب أبي تمام: أفتنكرون كثرة ما أخذه البحتري من أب يتمام، وإغراقه في الاستعارة من معانيه؟ فأيهما أولى بالتقدمة: المستعير، أو المستعار منه؟ ٢٤ - قال صاحب البحتري: قد ابتدأنا بالجواب عن هذا في صدر كلامنا، ونحن نتمه في هذا الموضع إن شاء الله تعالى: أما ادعاؤكم كثرة الأخذ منه فقد قلنا إنه غير منكرٍ أن يكون أخذ منه من كثرة ما كان يرد على سمع البحتري من شعر أب يتمام؛ فيعتلق معناه: قاصدًا الأخذ، أو غير قاصدٍ، لكن ليس كما ادعيتم وادعاه أبو الضياء بشر بن يحيى ف يكتابه؛ لأنا وجدناه قد ذكر ما يشترك الناس فيه، وتجري طباع الشعراء عليه، فجعله مسروقًا، وإنما السرق يكون في البديع الذي ليس للناس فيه اشتراك، فما كان من هذا الباب فهو الذي
1 / 55