أخذه البحتري من أبي تمام، لا ما ذكره أبو الضياء وحشا به كتابه، وأنا أذكر هذين الشيئين في موضعهما من الكتاب، وأبين ما أخذه البحتري من أبي تمام على الصحة، دون ما اشتركا فيه؛ إذ كان غير منكر لشاعرين متناسبين من أهل بلدين متقاربين أن يتفقا في كثير من المعاني، لا سيما ما تقدم الناس فيه، وتردد في الأشعار ذكره، وجرى في الطباع والاعتياد من الشاعر وغير الشاعر استعماله.
وبعد؛ فينبغي أن تتأملوا محاسن البحتري، ومختار شعره، والبارع من معانيه والفاخر من كلامه؛ فإنكم لا تجدون فيه على غزره وكثرته حرفًا واحدًا مما أخذه من أبي تمام، وإذا كان ذلك إنما يوجد في المتوسط من شعره فقد قام الدليل على أنه لم يعتمد أخذه، وأنه إنما كان يطرق سمعه فيلتبس بخاطره فيورده.
تم احتجاج الخصمين بحمد الله.
1 / 56