قد زاد في كلفي، وأوقد لوعتي ... مثوى حبيبٍ يوم مات ودعبل
وبقاء ضرب الخثعمي وشبهه ... من كل مضطرب القريحة مجبل
أهل المعاني المستحيلة إن هم ... طلبوا البراعة بالكلام المقفل
أخوى لا تزل السماء مخيلةً ... تغشا كما بحيا السحاب المسبل
جدثٌ لدى الأهواز يبعد دونه ... مسرى النعى ورمةٌ بالموصل
فمحال أن يرثى البحتري أبا تمام ويذكر من بعده من الشعراء بأن قرائحهم مضطربة ومعانيهم مستحيلة، وعنده أن أبا تمام تلك صفته، فلم تنكرون فضل من يعترف البحتري بفضله، ويشهد في الشعر له، وتنسبون العيب إليه وهذه صفته عنده، وتلحقونه به وهو يبرئه منه؟
١٨ - قال صاحب البحتري: ولم لا يفعل البحتري ذلك وقد كان هو وأبو تمام - بعد اجتماعهما وتعارفهما - متصافيين على القرب والبعد، متحابين متلائمين على الدنو والشحط، يجمعهما الطلب والنسب والمكتسب، ولم يكن في زمانهما شاعر مشهور يفد على الملوك ويجتدي بالشعر وينتسب
1 / 53