سابقًا؛ فبخستم حق الإحسان الذي انتشر في الآفاق، وسارت به الركبان، وتمثل به المتمثل، وتأدب بحفظه وإنشاده المتأدب، مما إن ذكرناه لم تنكروه، وأقررتم بفضله، وأجمعتم على استجادته واستحسانه، فهل الظلم المستقبح والتعصب المستهجن إلا ما أنتم مرتكبوه وخابطون فيه؟ ١٨ - قال صاحب البحتري: أما أخذ السهو والغلط على من أخذ عليه من المتقدمين والمتأخرين؛ ففي البيت الواحد، والبيتين، والثلاثة؛ وربما سلم الشاعر المكنر من ذلك بنة، وتعرى منه، حتى لا تؤخذ عليه لفظة؛ وأبو تمام لا تكاد تخلو له قصيدةٌ واحدةٌ من عدة أبيات يكون فيها مخطئًا، أو محيلا، أو عن الغرض عادلا، أو مستعيرًا استعارة قبيحة، أو مفسدًا للمعنى الذي يقصده بطلب الطباق والتجنيس، أو مبهمًا بسوء العبارة والتعقيد حتى لا يفهم، ولا يوجد له مخرج، مما لو عددناه لكان كثيرًا فاحشًا، فكيف يكون ما أخذ على الشعراء من الوهم وقليل الغلط عذرًا لمن لا تحصى معايبه ومواقع الخطأ في شعره؟ ... وعلى أن أكثر ما عددتموه - مما أخذته الرواة على الشعراء - صحيح، والسهو فيه إنما دخل على الرواة، ولو كان هذا موضع ذكره لذكرناه.
١٧ - قال صاحب أبي تمام: فبم تدفعون قول البحتري يرثى أبا تمام ودعبلًا، ويذم من بقي بعدهما من الشعراء:
1 / 52