والشنب إنما يكون مع اللعس أو ما يجري مجراه من أوصاف الثغر والفم؛ والجيد ما قاله ذو الرمة:
لمياء في شفتيها حوةٌ لعسٌ ... وفي اللثات وفي أنيابها شنب
ولو استقصينا هذا الباب لطال جدًا، وإنما أوردنا ههنا منه مثالا لتعلموا أن فحول الشعراء - الذين غلبوا عليه، وافتتحوا معانيه، وصاروا قدوة، واتبعهم اشعراء، واحتذوا على حذوهم، وبنوا على أصولهم - ما عصموا من الزلل، ولا سلموا من الغلط.
هذا في المعاني التي هي المقصد والمرمى والغرض، فأما ما بوبه النحويون من عيوب الشعر في الإقواء والإكفاء والسناد، وغي رذلك مما هو عيبٌ في اللفظ دون المعنى، فليست
بنا حاجةٌ إلى ذكره، لكثرته وشهرته. وكذلك ما أخذته الرواة على المحدثين المتأخرين - من الغلط والخطأ واللحن - فاشٍ أيضًا وأشهر أيضًا من أن يحتاج إلى أن تبرهنه أو ندل على ذلك؛ فلم يك أحد من متقدم ولا متأخر في خطئه ولا سهوه وغلطه مجهول الحق، ولا بمجحود الفضل، بل عفى عندكم إحسانه على إساءته، وعلا تجويده على تقصيره، فكيف خصصتم أبا تمام دون غيره بالطعن، وعبتموه دون من سواه بالزلل والوهن؟ ولم يك بذلك بدعًا، ولا منفردًا، ولا إليه
1 / 51