وأما قوله:
وبروق السحاب قبل رعوده
فإنه أقام الرعد مقام الغيث؛ لأنه مقدمة له، وعلم من أعلامه، ودليل من أقوى دلائله، ألا ترى أن برق الخلب لا رعد له، وقد قال الأعشى:
والشعر يستنزل الكريم كما اس ... تنزل رعد السحابة السبلا
فجعل الرعد هو الذي يستنزل المطر، وقال الكميت:
وأنت في الشتوة الجماد إذا ... أخلف من أنجمٍ رواعدها
وإذا كان البرق ذا رعدٍ فقلما يخلف. ومثل هذا في كلام العرب - مما ينوب فيه الشيء عن الشيء، إذا كان متصلا به، أو سببًا من أسبابه، أو مجاورًا له - كثيرٌ؛ فمن ذلك قولهم للمطر: سماء، ومنه قولهم: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، قال الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قومٍ ... رعيناه وإن كانوا غضابا
1 / 35