تنفذ العين فيه حتى تراها ... أخطأته من رقة المستشف
كهواء بلا هباء مشوب ... بضياء، أرقق بذاك وأصف
وسط القدر: لم يكبر لجرعٍ ... متوالٍ، ولم يصغر لرشف
لا عجول على العقول جهول ... بل حليم عنهن من غير ضعف
فالزجاجة إذا رقت وصفت وسلمت من الكدر اشتد صفاؤها وبريقها، فإذا وقع فيها الشراب الرقيق اتصل الشعاعان، وامتزج الضوءان، فلم تكد الزجاجة تتبين للناظر، ولو صببنا دبسًا أو عسلا أو لبنًا وماء كدرًا في إناء هذه صفته في الرقة لما خفى الإناء على الناظر؛ لأن هذه الأشياء لا شعاع لها ولا ضياء يتصل بشعاع الإناء وضوئه، وقد سبقه إلى هذا المعنى علي بن جبلة فقال:
كأن يد النديم تدير منها ... شعاعًا لا تحيط عليه كاس
وقال الآخر، أنشده أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش:
وإذا ما مزجت في كأسها ... فهي والكأس معًا شيءٌ أحد
فأنتم في هذه المعارضة بالخطأ أجدر، وبالعيب أحرى.
1 / 34