بذلك فى قوله : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) (1).
وإن قلتم : إنه يدل على وجه لا يدل عليه المتشابه ، نقضتم الأصل الذى قدمتم الآن. لأنكم ذكرتم أن جميع كلامه تعالى سواء فى أنه إنما يدل ، بعد أن يعرف عز وجل أنه حكيم ، وإذا كان الأمر كذلك فما الفائدة فى الفصل بين المحكم والمتشابه؟ وهلا دلكم ذلك على فساد هذا الأصل!!
قيل له : إن الذى تقوله فى هذا الباب لا ينقض ما ذكرناه من الأصل ، ولا يخرج عن الإجماع والكتاب ، وذلك أن المحكم كالمتشابه من وجه ، وهو يخالفه من وجه آخر :
فأما الوجه الذى يتفقان فيه فما قدمنا من أن الاستدلال بهما أجمع لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الفاعل وأنه لا يجوز أن يختار القبيح ، لأن الوجه الذى له قلنا ذلك ، لا يميز المحكم من المتشابه ، كما أن خطابه صلى الله عليه وسلم لما لم يمكن أن تعلم صحته إلا بالمعجز ولم يميز ذلك بين المحتمل من كلامه وبين المحكم منه ، حلا محلا واحدا فى هذا الباب.
وأما الوجه الذى يختلفان (2) فيه ، فهو أن المحكم إذا كان فى موضوع اللغة أو لمضامة القرينة ، لا يحتمل إلا الوجه الواحد ، فمتى سمعه من عرف طريقة الخطاب وعلم القرائن أمكنه أن يستدل فى الحال على ما يدل عليه. وليس
Shafi 6