ذلك أدعى له إلى النظر ، من خطاب الداعى الذى لا يعتقد تعظيم حاله ، ولهذه الجملة عول الأنبياء عليهم السلام ، عند مسألة قومهم لهم عن الله عز وجل ، على ذكر أفعاله تعالى من خلق السموات والأرضين وغير ذلك.
فإن قيل : فيجب أن لا يعلم بالقرآن الحلال والحرام إلا على هذا الوجه!
قيل له : كذلك نقول ؛ لأنه ما لم يعلم أن المخاطب بالقرآن حكيم لا يجوز أن يكذب فى أخباره أو يعمى أو يأمر بالقبيح أو ينهى عن الحسن ، لم يصح أن يعرف به الحلال والحرام ، لكن الأحكام يمكن أن تعلم بالقرآن من غير مقدمة ، إذا كانت المعرفة بالله عز وجل قد تقدمت ، ولا يصح أن يعلم بقوله : ( ليس كمثله شيء ) (1)، من غير تقدم العلم بأنه تعالى ليس بجسم ، أنه تعالى لا يشبه الأشياء ، لما قدمنا من أنه لا يصح أن يعرف الفاعل وحكمته بالفعل الذى يصدر عنه ، إذا كان العلم بصحته ووجه دلالته لا بد من أن يرجع فيه إلى حال الفاعل.
وعلى هذا الوجه قلنا : إن المعجزات لما كانت بمنزله الأخبار فى أنها لا يمكن أن يعلم أنها صحيحة إلا بعد العلم بحال الفاعل وحكمته ؛ لم يمكن أن يستدل بها على النبوات من أجاز (2) على الله عز وجل فعل القبيح ، وقلنا يجب أن لا نأمن أنه تعالى أظهرها على [ من ] يدعو الى الضلال والفساد ، ويصد عن الهدى والرشاد!
** 2 مسألة :
يدل عليه أو لا مزية له؟
فإن قلتم : إنهما سواء فذلك خلاف الإجماع ؛ لأن الأمة تقول إن المحكم أصل للمتشابه وإن له من الحظ ما ليس للمتشابه ، وكتاب الله عز وجل قد نطق
Shafi 5