قيل له : إذا تمكن من إزالته بفعل الإيمان ، فلا يعد ذلك منعا (1) كما أن [ من ] أغلق الباب عليه لا يوصف بالمنع إذا أمكنه فتحه والتصرف بالخروج ، وكما لا يوصف الختم على الكتاب بأنه مانع من قراءته ، لأنه يمكن أن يفك فيقرأ ، فكذلك ما قلنا ، ولو أن أحدنا كتب على جبين الإنسان بأنه لا يؤمن ، وكان المعلوم ذلك من حاله ، لم يصح كونه مانعا من الإيمان ؛ لأن حال القدرة عليه لا تتغير بذلك (2)، فكذلك (3) القول فى العلامة التى ذكرناها ، وقد صح أنه عز وجل قد كتب فى اللوح المحفوظ جميع ما يكون من العباد ، ولا يوجب ذلك وإن كان دلالة للملائكة على أنهم ممنوعون من الفعل ، أو محمولون على ما اختاروه ، فكذلك ما ذكرناه.
ثم يقال للقوم : لو كان الختم منعا لما جاز أن يذم تعالى الكفار الذين وصف بأنه ختم على قلوبهم ، ولما جاز أن يقول : ( ولهم عذاب عظيم ) (4)؛ لأنه إن كان تعالى منعهم عن الخروج من الكفر ، وأوجد ذلك فيهم ، حتى لا يصح منهم الانفكاك ، فكيف يحسن أن يعذبهم؟ ولئن جاز ذلك ، ليجوزن أن يعذبهم على طولهم ، ولونهم ، وصحتهم.
وبعد ، فإن الختم إن كان مما (5) يمنع من الإيمان أو قدرة الإيمان ، فلما ذا خص الكفار به ، وعندكم أن كل مكلف لا يؤمن ، فقد منعه الله عز وجل على حد واحد؟ وكذلك حال الكافر الذى المعلوم أنه لا يؤمن والذى المعلوم أنه يؤمن سواء فى أنه قد منعه فى الحال ، فأى وجه للتخصيص على قولكم؟
Shafi 53