ثم يقال للقوم : إن إضافته تعالى الكفر إليهم يدل على أنه فعلهم ، وإلا لم يصح وصفهم به ، وكان لا يصح أن يذمهم إن كان قد خلقه فيهم ، وكان لا يصح أن يصفهم بأنهم لا يؤمنون ، أنذروا أم (1) لم ينذروا ، لأن الإنذار على قولهم فيهم وفى غيرهم : لا (2) فائدة فيه ؛ لأنه تعالى إن خلق الإيمان حصلوا مؤمنين على كل حال ، وإن لم يرد ذلك ولم يخلقه ، ولا خلق القدرة الموجبة له ، لم يحصلوا مؤمنين ، فأى فائدة « للانذار ، ولما ذا (3) خصهم بأنهم لا يؤمنون على كل حال. وكيف يصح أن يوصفوا بأنهم لا يؤمنون ، فينفى الفعل عنهم ولا يصح الفعل منهم؟ وكل ذلك يبين أنها بأن تدل على ما نقوله أولى.
** 17 مسألة :
غشاوة ) [7] وذلك يدل على أنه منعهم بالختم والغشاوة من الإيمان! وذلك يدل على أنه الخالق للايمان والكفر ، وللأسباب الموجبة لهما (4).
والجواب فى ذلك ، أن الختم فى اللغة لا يعقل منه القدرة على الكفر ، ولا الكفر ، وإنما يستعمل فى العلامة الحاصلة بنقش الخاتم وما شاكلها ، وإن كان قد يراد به انتهاء الشيء ، وقد يراد به الحكم عليه بأنه لا ينتفع بما سمعه ، كما يقال فيمن نوظر كثيرا وبين له طويلا : ختمت عليك أنك لا تفهم ... إلى ما يشا كله ،
(فخبرونا عن الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ، أتزعمون أنه هداهم وشرح للاسلام صدورهم وأضلهم؟) وزعم أنه إن قالوا : نعم (تناقض قولهم)، أورد عليهم بعض الشواهد القرآنية التى توضح أنه لا يجتمع الهدى مع الضلال ، وشرح الصدر مع الضيق ، حاملا إياهم على مذهبه فى (الهدى) و (الختم) وإنكار الطف : ليخلص إلى القول بأن (هذا يبين أن الله خلق كفرهم ومعاصيهم). الإبانة : ص 54 55.
Shafi 51