** 15 مسألة :
الذين أنعمت بالإيمان (1) عليهم. ولو لم يكن الإيمان من فعله ، لم يكن لهذا القول معنى.
والجواب عن ذلك أن ظاهره إنما يدل على أنهم طلبوا أن يهديهم ( صراط الذين أنعمت عليهم ) ولم يذكر بما ذا أنعم ، فمن أين المراد به نفس الإيمان!؟
فإن قال : لأنه لا شيء يختص به المؤمن من الكافر المغضوب « عليه والضال (2) إلا نفس الإيمان ، فيجب أن يحمل عليه!
قيل له : ليس الأمر كذلك ؛ لأنه قد يجوز أن يكون للمؤمن فى المعلوم ألطاف يختص بها دون الكافر ، ويؤمن عندها ، وكذلك التنبيه والخواطر. وكل ذلك من نعمته تعالى ، فكيف يقطع بأن المراد بذلك هو الإيمان!؟
وبعد ، فإن صح أنه المنعم بالإيمان عليهم لم يدل على أنه ليس بفعل لهم ؛ لأنه تعالى قد ينعم علينا بما نفعله من الطاعة والإيمان إذا كنا إنما نناله بمعونته وألطافه وتيسيره وتسهيله ، فيصير من حيث فعل هذه المقدمات التى لولاها لم يصح ولم نختر الإيمان ولا كان لنا إليه داع ، كأنه قد فعل الإيمان فيضاف إلى أنه من نعمه ، كما أن صلاح الولد يضاف إلى والده ، وإن كان هو الذى تأدب وتعلم ، لما فعل من المعونة والأحوال ما عنده أمكنه ذلك واختاره ، وقد يهب أحدنا لغيره المال ، فإذا صرفه فى المأكول والملبوس فانتفع به كانت تلك المنافع
Shafi 46