ويدل على قولنا من وجه آخر ، وذلك لأن قوله : ( إياك نعبد ) تخصيص له بأنا نعبده دون غيره ، وذلك لا يصح إلا بأن يكون العبد مختارا لفعل على فعل ، لأنه « قد تقع العبادة [ على وجه الإلجاء ] (1) وإنما ينصرف الفعل إلى أن يكون عبادة لله عز وجل ، باختياره وبأمور تتعلق به ، وفى ذلك إبطال القول بأن هذه الأفعال لله عز وجل يخلقها فى العبد.
ويمكن أن يستدل على نحو ذلك بأمره تعالى لنا أن نستفتح القرآن وغيره بسم الله الرحمن الرحيم ، لأن ذلك هو استعانه به من حيث نستفتح بذكره الأمور التى نريدها ونعزم عليها ، والاستعانة به فى ذلك إنما تصح متى كنا المختارين للفعل ، العادلين عن غيره إليه ، ولذلك لا يصح أن نستعين بذكر اسمه على الأمور الضرورية التى يخلقها فينا.
فإن قيل : فهل يدل الظاهر على ما سأله القوم؟
قيل له : لا ؛ لأن الاستعانة تقتضى التماس المعونة من قبله ، ولا تدل على تفصيل المعونة ، وما يفعله عز وجل من الأمور المعينة على الطاعة أشياء كثيرة ، فمن أين أن المراد به القدرة دون غيرها؟! نحو الصحة والخواطر والدواعى والتنبيه!
وبعد ، فإن المراد به لو كانت القدرة لكان إنما يدل على أنها تتجدد ، ولا يدل على أنها مع الفعل ، وهذا مذهب كثير من أهل العدل (2)،
1 / 274 275.
Shafi 42