فأما خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكخطابه عز وجل فى أنه يجب أن ينفى عنه ما قدمناه من الكذب والتعمية ، أو أن يكون واقعا على وجه منفر ، لأن المعجز قد صير خطابه بمنزلة خطابه عز وجل ، فما يجب أن ينفى عن خطابه تعالى يجب كونه منفيا عنه ، من حيث ثبت أن الحكيم لا يرسل الرسول وغرضه بإرساله (1) البيان والتعريف ويعلم أنه يكذب عليه أو يعمى أو يحرف أو يكتم (2) أو ينفر. ومتى علم من حاله انتفاء جميع هذه الوجوه عنه صح الاحتجاج بسنته.
والعلم بأن قوله صلى الله عليه وسلم حجة تابع للعلم بأنه عز وجل لا يفعل القبيح ، وأن خطابه حجة ، فمن لم يعلم ذلك من حاله تعالى وحال خطابه لم يمكنه أن يحتج بقول النبى صلى الله عليه وسلم. ولذلك قلنا إن من أجاز على الله القبيح يلزمه أن يجوز فى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون داعيا إلى الضلال وإن كان تعالى قد اختار بعثته وإظهار المعجز عليه ؛ لأنه إذا جاز أن يضل جاز أن يفعل ما يكون كالسبب له وكالداعى إليه!
** 10 مسألة :
ما هو حجة فيه إن اختلفت عندكم ، ولا بد من ذلك ؛ لأنكم قد بينتم أن الاحتجاج بالمحكم يقع على خلاف الوجه الذى يقع عليه الاحتجاج بالمتشابه. وكذلك القول فى المجمل والمفسر والحقيقة والمجاز.
قيل له : إن الكلام فى ذلك ينقسم إلى وجهين : أحدهما يتصل بنفس الخطاب وموضوعه ، والآخر بما يدل الخطاب عليه من الأحكام العقلية والسمعية ؛ لأن لكل واحد من هذين تأثيرا فيما سألت عنه (3).
Shafi 33