ولهذه الجملة قلنا : إن المجبرة لما أضافت القبائح إلى الله لم يمكنها معرفة صحة القرآن ولا أنه دلالة ، لأنه يلزمها (1) أن تجوز أن يكون كذبا وأمرا بباطل. وكذلك قلنا : إن من يقول من المرجئة بالوقف على وجه مخصوص ، لا يمكنه أن يعرف بالقرآن شيئا ، لأنه يلزمه تجويز التعمية فى سائر كلامه عز وجل ، وأن يسوى بين الخاص والعام فيه (2).
فحصل من هذه الجملة أنه يجب أن يعرف المكلف أنه تعالى لا يفعل القبيح ، وأن الخبر يقبح إذا كان كذبا ، فإذا لا يجوز عليه الكذب والأمر بالقبيح ، ويعلم أنه لا يجوز أن يعمى مراده فإذا يجب أن يكون مراده بالخطاب ما يقتضيه ظاهره أو القرينة الدالة على المراد به من عقل أو سمع.
فبهذا الوجه يمكن أن يعلم أن القرآن حجة ، لكن المتشابه يحتاج إلى زيادة فكر من حيث كان المراد به غير ما يقتضيه ظاهره ، فلا (3) بد أن يكون السامع يعرف الوجه الذى يجوز أن يحمل عليه فى اللغة ، ويتأمل الدلالة التى لها يجب أن يحمل على ما يحمل عليه. ولا يحتاج المحكم عند ما يطرق السمع إلا إلى ما قدمناه فقط. فبهذا يفترقان وإن كان لا بد فى الاحتجاج بهما إلى الجملة التى قدمناها.
Shafi 32