كما تختلف فى نفس الأحكام ، فكما لا يجوز أن يقال فيها : إنه يجب أن يجرى على وجه واحد ، فكذلك القول فى طريقها وأدلتها. ولا فرق بين من قال ذلك وبين من قال إن الرسول صلوات الله عليه إذا جاز أن يبين الشرع بأن يضطر إلى مراده ، فيجب فى كل شرع أن يبينه على هذا الحد ، وكما (1) لا يجب ذلك ، بل يجب التسليم للعالم بالمصالح ، ففيه ما يقع البيان فيه على هذا الوجه ، وفيه ما يعلم باكتساب « ثم يختلف (2) وينقسم ، فكذلك (3) القول فى كتابه عز وجل. ولا فرق بين من سلك هذه الطريقة وبين من قال فى العلوم المكتسبة من جهة العقل : إذا كان بعضها يعلم بأن يرد إلى أصل ضرورى فيجب فى جميعها ذلك!. فكما لا يجب هذا لاختلاف أحوال طرق العلوم واختلاف المصلحة فيهما ، فكذلك (4) القول فى السمعيات. وكما ليس لأحد فى نفس المحكم (5) أن يقول : هلا جرى على طريقة واحدة فى الوضوح ، لأنه قد يختلف فى هذا الوجه وإن اتفق الكل فى أنه قد أحكم المراد به ، فكذلك ليس له أن يلزم فى البيان السمعى أن يجعل بابا واحدا فلا يكون إلا محكما ، ولا فى (6) نسخه فلا يجعله إلا بابا واحدا.
ونحن نبين الآن أن (7) المتشابه قد يكون له مزية على المحكم فى المصلحة ، والذى قدمناه من الأصل قد بين إبطال قدح الملحدة وغيرهم بما أوردناه فى القرآن :
اعلم أنه قد ثبت أن كل شيء كان أدعى للمكلف إلى فعل ما كلفه وأقرب ، وأشد صرفا له عما يقبح ، ففعله فى الحكمة واجب ، وربما كان أولى من غيره
Shafi 24