ما أقدم عليه هذا الخائن ، وأنه تعالى مع كل عاص ، بمعنى أنه يعلم باطنه وظاهره ، كما يعلم من جاوره أحواله الظاهرة ، مخوفا بذلك عن المعاصى وعن إضافة الخيانة إلى السليم منها.
ثم قال تعالى : ( إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ) مبينا بذلك أن هذه الأمور ليست من قبله ، ولا تقع برضاه على ما شرحناه.
** 171 دلالة :
احتمل بهتانا وإثما مبينا ) [112] يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يخلق أفعال العباد ثم يعاقبهم عليها ؛ لأنه إن (1) كان هو الخالق لها ، فهم برآء منها بأكثر من كون زيد بريئا من فعل عمرو ، فإذا كان عمرو إذن اكتسب المعصية ورمى زيدا بها فقد احتمل البهتان بذلك. والله تعالى ، لو كان الأمر كما يزعم القوم ، أولى ، تعالى الله عن ذلك.
فأما قولهم : إن العبد يكسب فليس يبرأ فى الحقيقة مما خلقه الله فيه فجهل ؛ لأن اكتسابه لا (2) يؤثر فى أنه تعالى قد أدخله فى الفعل وجعله بحيث لا يمكنه المحيص منه ، وبحيث لا بد من أن يكون مختارا مكتسبا ، إن صح للكسب معنى ، فلا يخرج العبد من أن يكون بريئا من ذلك.
هذا ، ولا يصح إذا قيل إنه تعالى أوجد الفعل وأحدثه وأوجد القدرة والاختيار فى القلب والفعل لا يتجزأ ، لأنه معنى واحد « أن يقال (3): إنه كسب للعبد ، بل لو أراد المريد (4) أن ينفيه عن العبد بكل جهده لم يفعل إلا ما قاله القوم من أن الله تعالى خلقه بسائر جهاته وخلق ما أوجبه من القدرة والإرادة.
** 172 دلالة :
Shafi 204