199

لانصراف المؤمن عن اتباع الشيطان (1)، فقال : ( ولو لا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ) (2).

والجواب عن ذلك قد (3) تقدم ؛ لأنا قد بينا أن ظاهره يقتضى أنه لو لا فضله لأقدمنا على المعصية ؛ وليس فيه بيان ذلك الفضل. وقد بينا أن المراد به الألطاف والتأييد وسائر ما يصرف المرء عن اتباع الشيطان والمعاصى. وبين تعالى أن ذلك الفضل لو لم يفعله لكان فيهم من لا يتبع الشيطان (4). مبينا (5) بذلك أن المعلوم من حال كثير منهم أنه يؤمن وينصرف عن اتباع الشيطان وإن لم يلطف له. وهذا يصدق قولنا فى اللطف إنه قد يختص بمكلف دون مكلف (6).

وإن حملت الكلام على أنه لو لا فضله على الكل لا تبعوا الشيطان إلا قليلا منهم ، فإنهم مع فضله عليهم يتبعونه ، فإنه يدل على مثل ما قدمناه فى أن اللطف قد يختص ، وقد يفعل بمكلفين فيكون لطفا لأحدهما دون الآخر ، كما أن رفق الوالد بأحد ولديه قد يكون لطفا له فى التعليم ، ولا يكون لطفا فى الآخر.

** 167 مسألة :

فقال : ( ولو شاء الله لسلطهم عليكم ) (7).

والجواب عن ذلك : أن التسليط قد يكون بوجوه : أحدها بالقهر. ومنها بالأمر والترغيب. ومنها بالتخلية ، ولذلك (8) متى بعث الإنسان غلمانه على الظلم ، قيل فى اللغة : قد سلطهم على ظلم الناس ، وقد يقال فيمن خلى بين كلبه

Shafi 200