وهذه الآية تدل على صحة تأويلنا فى الآية المتقدمة ؛ لأنه لو كان المراد بتلك نفس ما أريد بهذه ، لكان الكلام يتناقض عن قرب ، لأنه فى الأولى أضافها إلى نفسه ، وفى الثانية إلى العبد ، ويتعالى الله عن ذلك ، فكأنه قال : ما أصابكم من الرخاء والشدة فكله من عنده تعالى. وليس كذلك السيئات والحسنات ، لأنها من عند أنفسكم.
فأما إضافته تعالى الحسنة إلى نفسه ؛ فلأنه تعالى أعان عليها وسهل السبيل إليها ولطف فيها ، فلم تقطع منا إلا بأمور من قبله تعالى ، فصح أن تضاف إليه ، ولا يمنع ذلك كونها من فعل العبد ؛ لأن الإضافة قد تقع على هذين الوجهين ، ولو كانت السيئة من فعله تعالى لم يكن لإضافتها إلى العبد وجه ، « ولا كان للفصل بينها وبين الحسنة (1) فى قطع إضافتها عن الله معنى ، مع أنه الخالق لهما جميعا.
وقد قيل : إن المراد أن الحسنة بتفضل الله تعالى ، وأن السيئة التى هى الشدة ، لأمور من قبلكم ارتكبتموها ، تحل محل العقوبة ، فلذلك أضافه إليهم. وهذا وإن احتمل فالأول أظهر.
فأما من (2) حرف (3) التنزيل لكيلا يلزمه بطلان مذهبه ، وزعم أن المراد به : فمن نفسك؟! على جهة الإنكار ، فقد بلغ فى التجاهل ، ورد التلاوة الظاهرة الى حيث يستغنى عن مكالمته!
** 166 مسألة :
Shafi 199