============================================================
مؤكد أن اليعقوي ولد في مدينة بغداد حيث كانت تقيم عائلته، وأنه نشأ في بيئة علم وفكر، في أحضان عائلة ثرية ومقربة من الخلفاء العباسيين، فجده الأعلى واضح كان من موالي الخليفة المنصور، وكان ممن يعهد اليهم بالمهمات الصعبة، فولاه على أرمينيا وأذر بيجان لمدة طويلة استمرت نحو سبع عشرة سنة من 141 - 158ه/758- 775م(3) كما ولاه المهدي حكم مصر في سنة 162ه/ 779م لعدة شهور أصيح بعدها صاحب البريد فيها حتى سنة 169ه/ 785م(4). وكان جده جعفر بن وهب يعمل كاتبا للأمير محمد بن صالح بن المتصور(4) فكان من كبار عمال البريد (2).
شهد القرن الذي عاش فيه اليعقوي نهضة علمية وفكرية عظيمة أفرزت العديد من العلماء المسلمين الذين أثروا المكتبة الإسلامية بمؤلفاتم في ختلف الفنون والعلوم، وكانت مكتبة بيت الحكمة التي أسسها هارون الرشيد في الربع الأخير من القرن الثاني الهجري في أوج ازدهارها كشف اليعقوبي عن ميوله المبكرة لعلم أخبار البلدان، حيث يقول "إني غنيت في عنفوان شبابي وعند احتيال سني وحدة ذهني بعلم أخبار البلدان، والمسافة ما بين كل بلد وبلد، لأني سافرت حديث السن واتصلت أسفاري ودام تغربي"(1). ومن خلال طبيعة كلامه وما توافر من المعلومات المبثوثة في بعض المصادر العربية، علمنا أنه غادر بغداه وهو في سن الشباب متتقلا بين ولايات الخلافة الإسلامية، فتارة ثراه في البلاط الطاهري بخراسان، وتارة أخرى نجده في أرمينيا يعمل كاتبا لعدد من ملوكها (4)، وزار مكة والمدينة لأداء فريضة الحج، كما زار فلسطين وسوريا والمغرب، وتوقف به المطاف في مصر حيث أقام بها طويلا متمتعا برعاية الطولونيين(4)، حتى غرف بابن واضح المصري.
كان اليقعوي في حله وترحاله شغوفا بلقاء أهل الأمصار، فتجمع لديه حصيلة جيدة من المعلومات أضاف اليها ملاحظاته ومشاهداته، وما ثبت لديه صكته من ختلف المصادر، فجاءت كتاباته في التاريخ والجغرافيا دقيقة جديرة بالعقة والإعجاب فاقتب منها من جاء بعده من الجفرفيين والمؤرخين الكبار مثل الحطيب البغدادي (ت 463 ه/ 1070م)، وحمد التميي (3) اليمقوي، تاريخ ج9، ص372، انظر أيضأ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، القاهرة ص:4 (4) الطبري ، تاريخ، ج3 ، ص ص 393، 523 - 24ه ، الكندي، كتاب الولاة، ص121، القلقشندي، ضبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ص422 ، المقريزي ، الخطط، جا ، ص 307، اين تغري بردي ، ص ص40 - 41 ت 5) القي، تاريخ، جا، ص454 (1) كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العري، تحقيق صلاح الدين هاشم ، جا، ص158 () اليمقوي، كتاب البلدان تحقق مضيوف الفرا، اكستر، 194، ص1 (8) ياقوت، معجم البلدان، جا ، ص161 يقول : وذكر ابن واضح الأصبهان اته كتب لعدة من ملوكها وأطال المقام بارمينية ولم ير بلدا أوسع منه ولا اكثر عمارة، وذكر أن عدة ممالكها مائة وثماني عشرة عملكة، .
(4) العاملى، أعيان الشيعة 1، ص331.
184
Shafi 4