االن
Shafi 1
============================================================
Shafi 2
============================================================
كتاب مشاكلة الناس لزمانهم وما يغلب عليهم في كل عصر من كتب التاريخ التي يعود تأليفها الى القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) ، ولم يأخذ مكانه في المكتبة العربية إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث طبع لأول مرة في بيروت سنة 1962م . ومؤلف هذا الكتاب يعرف باليعقوي، وهو من العلماء المسلمين الذين اهتموا بالكتابة في التاريخ والجفرافيا. والمعلومات عن شخصيته نادرة نجد شذرات منها مبثوثة في بعض المصادر العربية التي يهتم مؤلفوها بذكر من سبقهم في التأليف أو عند الاقتباس من آثارهم، رغم أن المؤرخين والإخباريين توقفوا أمام شخصيات أقل أهمية وأقل شأتأ مثل المغنين والقيان ، وربما يعود ذلك إلى أن اليعقوي لم يذكر شيئا عن نفسه أو عن حياته في كل مؤلفاته.
اليعقوي هو الكاتب العباسي أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح بن عبدالله المنضوري، يرد اسمه في المصادر العربية بصيغ ختلفة من هذا النسب الطويل فتارة نراه أحمد بن أبي يعقوب أو أحمد الكاتب أو أحمد بن إسحاق أو أحمد بن واضح، وتارة أخرى نجده ابن واضح الأصبهاي وابن واضح المصري أو ابن وهب أو ابن اليعقوبي ، إلا أن شهرته باليعقوبي قد فاقت جميع تلك الصيغ:.
لم تتعرض المصادر المختلفة إلى ذكر تاريخ مولده في حين يرى ياقوت الحموي وإسماعيل البغدادي أنه توفى في عام 284ه/ 897م(1)، مما جعل غيرهم يأخذ بهذا التاريخ . ومن خلال تحليل كتابات اليعقوبي نرى أنه كان لايزال حيا بعد ذلك التاريخ ، يدل على ذلك تأريخه للخليفة المعتضد الذي توفى في عام 289 ه/ 902م حيث وصفه في كتاب مشاكلة الناس لزمانهم وما يغلب عليهم في كل عصر، بقولهه فكان رجلا شهما حازماه . ويؤكد هذا الرأي كذلك ما ذكره الكندي وما تقله العاملي والمقريزي من مقالة لليعقوي ذكرها في عام 292ه/ 905م، بعد القضاء على دولة الطولونين في مصر وهي تقول : وحدث أحمد بن أبي يعقوب الكاتب قال : لما كانت ليلة عيد الفطر من سنة 292ه(09هم) تذكرت ما كان فيه آل طولون في مثل هذه الليلة من الزي الحسن بالسلاح وملونات البنود والأعلام وشهرة الثياب وكثرة الكراع وأصوات الأبواق والطبول فاعترتني لذلك فكرة ، ونمت في ليلتي فسمعت هاتفأ يقول : ذهب الملك والتملك والزينة لما مضى بنو طولون"(2). بناءأ على ذلك، يمكن القول بأن وفاة اليعقوي قد حدثت بعد عام 292 ه مباشرة أو في عام لاحق على وجه التقريب: (1) باقوت، معبم الأدباء طبعة الدكور رفاعي جف ص153 ، إسباعيل البغدادي هدية العارفين، جا ، ص52.
(2) الكتدي، كتاب الولاة، ص س 250 - 202 ، الفريزي، الحخطط، جا ، س326، العامل، أصيان الشيعة، .259 183
Shafi 3
============================================================
مؤكد أن اليعقوي ولد في مدينة بغداد حيث كانت تقيم عائلته، وأنه نشأ في بيئة علم وفكر، في أحضان عائلة ثرية ومقربة من الخلفاء العباسيين، فجده الأعلى واضح كان من موالي الخليفة المنصور، وكان ممن يعهد اليهم بالمهمات الصعبة، فولاه على أرمينيا وأذر بيجان لمدة طويلة استمرت نحو سبع عشرة سنة من 141 - 158ه/758- 775م(3) كما ولاه المهدي حكم مصر في سنة 162ه/ 779م لعدة شهور أصيح بعدها صاحب البريد فيها حتى سنة 169ه/ 785م(4). وكان جده جعفر بن وهب يعمل كاتبا للأمير محمد بن صالح بن المتصور(4) فكان من كبار عمال البريد (2).
شهد القرن الذي عاش فيه اليعقوي نهضة علمية وفكرية عظيمة أفرزت العديد من العلماء المسلمين الذين أثروا المكتبة الإسلامية بمؤلفاتم في ختلف الفنون والعلوم، وكانت مكتبة بيت الحكمة التي أسسها هارون الرشيد في الربع الأخير من القرن الثاني الهجري في أوج ازدهارها كشف اليعقوبي عن ميوله المبكرة لعلم أخبار البلدان، حيث يقول "إني غنيت في عنفوان شبابي وعند احتيال سني وحدة ذهني بعلم أخبار البلدان، والمسافة ما بين كل بلد وبلد، لأني سافرت حديث السن واتصلت أسفاري ودام تغربي"(1). ومن خلال طبيعة كلامه وما توافر من المعلومات المبثوثة في بعض المصادر العربية، علمنا أنه غادر بغداه وهو في سن الشباب متتقلا بين ولايات الخلافة الإسلامية، فتارة ثراه في البلاط الطاهري بخراسان، وتارة أخرى نجده في أرمينيا يعمل كاتبا لعدد من ملوكها (4)، وزار مكة والمدينة لأداء فريضة الحج، كما زار فلسطين وسوريا والمغرب، وتوقف به المطاف في مصر حيث أقام بها طويلا متمتعا برعاية الطولونيين(4)، حتى غرف بابن واضح المصري.
كان اليقعوي في حله وترحاله شغوفا بلقاء أهل الأمصار، فتجمع لديه حصيلة جيدة من المعلومات أضاف اليها ملاحظاته ومشاهداته، وما ثبت لديه صكته من ختلف المصادر، فجاءت كتاباته في التاريخ والجغرافيا دقيقة جديرة بالعقة والإعجاب فاقتب منها من جاء بعده من الجفرفيين والمؤرخين الكبار مثل الحطيب البغدادي (ت 463 ه/ 1070م)، وحمد التميي (3) اليمقوي، تاريخ ج9، ص372، انظر أيضأ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، القاهرة ص:4 (4) الطبري ، تاريخ، ج3 ، ص ص 393، 523 - 24ه ، الكندي، كتاب الولاة، ص121، القلقشندي، ضبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ص422 ، المقريزي ، الخطط، جا ، ص 307، اين تغري بردي ، ص ص40 - 41 ت 5) القي، تاريخ، جا، ص454 (1) كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العري، تحقيق صلاح الدين هاشم ، جا، ص158 () اليمقوي، كتاب البلدان تحقق مضيوف الفرا، اكستر، 194، ص1 (8) ياقوت، معجم البلدان، جا ، ص161 يقول : وذكر ابن واضح الأصبهان اته كتب لعدة من ملوكها وأطال المقام بارمينية ولم ير بلدا أوسع منه ولا اكثر عمارة، وذكر أن عدة ممالكها مائة وثماني عشرة عملكة، .
(4) العاملى، أعيان الشيعة 1، ص331.
184
Shafi 4
============================================================
المقدسي (ت 370ه/ 980م)، وياقوت الحموي (ت 626ها 1228م)، وأبو عبيد البكري ت 487ه/1094م)، والقزويني (ت 682ه/ 1283م)، وأبو الفداء (ت 732ه/ 1332م)، ثم الحميري (ت حوالي 900ها 1494م) وغيرهم (10).
لقد وصل إلينا من آثار اليعقوب ثلاثة كتب ومجموعة من الأقوال والأشعار حفظتها لنا بعض المصادر العربية، ولا يزال أربعة كتب لليعقوي مفقودة وهي كتاب في أخبار الطاهرين، يستدل عليه من حديثه عن الطاهريين في كتابه التاريخ حيث يقول : "ثم كتب (طاهر إلى المأمون) كتابأ بالفتح يشرح فيه خبره منذ يوم شخص من خراسان، وما عمل في بلد بلد ويوم يوم، جعلتاه في كتاب مفرد"(11) ومن هذا الوصف يتضح آنه كتاب في تمجيد الطاهريين حيث عاش في بلاطهم برعياتهم والكتاب الثاني، كتاب أخبار الروم ، وقد ذكره اليعقوي وعرف بموضوعاته في بده حديثه عن الربع الغري في كتاب البلدان، حيث يقول : ووقد ذكرتا أخبار الروم ومدنها وحصونها وموانيها وجبالها وشعابها وأوديتها وبحيراتها ومواضع الغارات عليها في كتاب غير هذاه ومن هذا الوصف يتضح لنا أنه كتاب جامع لمعلومات تاريخية وجغرافية عن بلاد الروم . والكتابان الثالث والرابع هما : كتاب أخبار الأمم السالفة وكتاب فتح أفريقية وأخبارها، وقد أخبرنا عنهما ياقوت الحموي والعامل(12). وقد وصف ياقوت كتاب أخبار الأمم السالفة بأنه صغير الحجم أما الكتب التي لا تزال بين أيدينا فهي كتاب التاريخ وكتاب مشاكلة الناس لزمانهم وما يغلب عليهم في كل عصر وهو الكتاب الذي نحن بصدد تقديمه للقراء.
كتاب البلدان : يرجع تأليف كتاب البلدان إلى عام 278ه/ 891م ، وهو الكتاب الذي اشتهر به اليعقوبي في الأوساط العلمية العالمية كجفرافي وقد طبع الكتاب عدة مرات أولها في سنة 1861م بتحقيق ينبول وثانيها في عام 1892 بتحقيق دي خوية، ثم ترجمه جاستون فييت إلى اللغة الفرنسية وطبعت الترجمة بالقاهرة في سنة 1937 كما طبعت تسخة دي خوية ببغداد في سنة 1938 وفي سنة 1980 قام كاتب هذه السطور بتحقيق الكتاب اعتمادا على مخطوطتين لم يسبق تحقيقها، وهما مخطوطة برلين ومخطوطة تركيا بالإضافة إلى النسختين المطبوعتين من الكتاب وصورة من مخطوطتهما المحفوظة في ميونخ، ويأمل في نشره قريبا.
(10) آدم متز، الحضارة الإسلامية، ترجة حمد عبداهادي آبو ريدة، ط2، ج1، ص4.
(11) مضيوف الفرا ، العقوي الجفرافي المؤرخ، ص ص 61 - 15.
(12) العقوي، تاريخ، ج2 ، ص 442.
(13) ياقوت، ممجم الأباء، جه، ص ص 153 - 154 ، العاملي، أعيان الشيعة، جا، ص ص 331- 234، هر رضاكحالة معجم المؤلفين - ص161 ، زركلي، الأعلام، جا، ص41.
18
Shafi 5
============================================================
يعتبر هذا الكتاب من المصادر الجغرافية العربية الهامة عن دولة الإسلام والبلاد المجاورة لها في القرن الثالث الهجري، كما يمثل وصفه للخطط التاريخية لمديشتي بغداد وسامراء أهمية منقطعة النظير، وشمل الحديث عنهما تحو ربع الكتاب، وقد شهد آدم متز لليعقوبي بأنه أول جغرافي بين العرب وصف الممالك معتمدا على ملاحظاته الخاصة وأنه ووصف المملكة الإسلامية مبتدثا ببغداد وصفأ منظما مع إصابة جديرة بالثقة والإعجاب، (14).
كتاب التاريخ: يعرف في الأوساط العلمية بتاريخ اليعقوي، وقد طبع لأول مرة في مدينة ليدن بهولندا في سنة 1883 بتحقيق هوتسما، ثم أعيدت طباعته في بيروت مرتين الأولى في سنة 1960 والثانية في سنة 1 يتكون الكتاب من جزئين. اختص الجزء الأول بتاريخ البشرية منذ بداية الخلق حتى قبيل البعثة النبوية أما الجزء الثاني فقد خصه اليعقوبي لتاريخ الإسلام من مولد الرسول الكريم حتى عام 259ه/ 872م. ويحتل هذا الكتاب، مكانة مرموقة بين كتب التاريخ، لما تميز به من دقة في المعلومات وعدم تحيز في ذكر الأحداث التاريخية، ويمكن وضعه في مصاف دوائر المعارف لغزارة مادته التاريخية ولاحتوائه على معلومات جغرافية الاقوال والأشعار: لليعقوبي مجموعة من الأقوال والأشعار لم ترد فيما لدينا من كتبه، جمعها دي خوية وذيل بها تحقيقه لكتاب البلدان الذي نشره ضمن مجلد مع كتاب الأعلاق النفسية لابن رستة وطبع في ليدن بهولنده في سنة 1891، وقد احتلت ثلات عشرة صفحة (361- 373)، جمعها من كتب الادريسي والنويري وابن الفقيه الهمذاني وياقوت والمقريزي والعاملي والكندي وأبي الفداء والحميري والتميمي المقدسي ومن بين الأشعار التي تنسب إلى اليعقوي نذكر أبياتا في صفة مدينة سمرقند (15).
علت سر قند أن يقال لها زين خراسان جنة الكور الي أبراجها معلقة بحيث لا تستبين للتظر ودون آبراجها خنادقها عسيتة ما ترام من تغر كاها وفي وسط حاتطها عفوفة بالظلال والشجر بدر وأنهارها المجرة وال آطام مثل الكواكب الزهر 14) آدم متز، رجع سابق، ص3.
1) ياقوت، بم البلدان ج، 144 187
Shafi 6
============================================================
كتاب مشاكلة الناس لزانهم : يرجع تأليف هذا الكتاب إلى حوالي عام 289/ 290 ه (902/ 903م)، يستدل على ذلك من اخر معلومة وردت فيه وكانت عن الخليفة المعتضد الذي توفي في عام 289ه/ 902م . وقد ابتدأه المؤلف بقوله "فأما الخلفاء وملوك الإسلام، فإن المسلمين في كل عصر تبع للخليفة يسلكون سبيله ويذهبون مذاهبه ويعملون على قدر ما يرون منه، ولا يخرجون عن أخلاقه وأفعاله وأقواله يوجد هذا الكتاب في خطوطة فريدة محفوظة بمكتبة مراد ملا في اسطنبول بتركيا تحت رقم 23/1410 ضمن جموعة من 179/ 186، يعود تاريخ تسخها الى القرن التاسع الهجري، ويحتفظ معهد إحياء المخطوطات العربية المصورة بالقاهرة بصورة فيلمية هذه المخطوطة تحت رقم تصوير ف922 من1، حصل المحقق على صورة منها في سنة 1980م.
تقع المخطوطة في سبع ورقات فقط، مقاسها 5218 270سم، وعدد أسطر الصفحة الواحدة 21 سطرأ، وقد كتبت برسم المصحف العشاني بخط نسخي واضح ومشكول في بعض الأحيان والمخطوطة لا تخلو من بعض الأخطاء الإملاثية التي نجمت عن نسخها، كما أن اسم الناسخ وتاريخ التسخ غير مثبتين في نهايتها، ولم يلتزم الناسخ بتنظيم فقرات الكتاب، كما ترك بعض الكلمات غير منقوطة قام وليام ملوارد1(ح11اللا بتحقيق المخطوطة لأول مرة، وطبع التحقيق في بيروت سنة 1962 . ومن خلال مراجعتي للتسخة المحققة ومقارنتها بالنص الأصلي، رأيت وجوب تحقيق المخطوطة وتقديمها بشكل أفضل، لأن ملوارد لم يعن في تحقيقه بالأخطاء الإملائية وبعض الأخطاء في رسم الأسماء التي حدثت عند النسخ، بالإضافة إلى أنه لم يزؤد القارىء بما يلزم من معلومات حول أسماء المواضع والأشخاص، وقد تشر التحقيق بمقدمة قصيرة تصف المخطوطة بشكل عام في ذيل كتابي "اليعقوبي الجغرافي المؤرخ الذي طبع في الدوحة سنة 1984.
بعد مضي اكثر من سبع سنوات على نشر التحقيق، كان خلالها قد توافر لديي المزيد من المصادر والمراجع ذات نفس الدلالة التاريخية مع اختلاف في المنهج والأسلوب ، مما حدى بي إلى إعادة النظر في الكتاب ليخرج الى القارىء في شكل جديد تحقق معه : استكشاف المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في رصدما احتوى عليه الكتاب من معلومات، لأن الكتاب كان خلوا من مقدمة يذكر فيها المؤلف مصادره .
تحليل النص والتعليق عليه، مع عقد مقارنة بين المعلومات التي وردت فيه والمعلومات التي وردت في المصادر والمراجع الأخرى لبيان مدى التشابه والاختلاف بيتها تقديم المؤلف للقراء من خلال معلومات عن حياته وآثاره العلمية.
187
Shafi 7
============================================================
تصويب الأخطاء المطبعية التي وردت في طبعته الأولى: تقديم الكتاب في ثوب جديد بعد تقسيمه إلى ثلاثة فصول اختص كل فصل منها بعهد من العهود الاسلامية الثلاثة التي شملها الكتاب . وتيسيرا على القارىء في متابعة النص تم رصد الهوامش والملاحظات في النص مسلسلة بدءأ من رقم (1) لكل فصل على حده: ع الكتاب وخايته: يمكن وصف هذا الكتاب الصغير في حجمه بأنه بمثابة رسالة في التأريخ الإسلامي تصف جوانب معينة من أحوال المسلمين تتمثل في أنماط من السلوك والعادات التي سادت بين المسلمين على مدى ثلائة عهود من تاريخهم الطويل، بدهأ بعهد الخلفاء الراشدين ومرورا بعهد الخلفاء الأمويين وانتهاءأ بعهد الخلفاء العباسيين حتى الخليفة المعتضد يناقش المؤلف في هذا الكتاب أمورا معينة من خصائص كل خليفة وحاكم، ويحاول أن يبرهن- من وجهة نظره - على أن المسلمين في كل عصر كانوا يتمثلون بذوي الأمر منهم في صفاتهم ولباسهم وأفعالهم : وكأنه أراد بذلك أن يضع أمام ضناع القرار في الدولة الإسلامية تماذج متباينة من السلوك ليتمثلوا منها بما يصلح أمر المسلمين، ويبتعدوا عما يفسد أمورهم، لأن صلاح الأمة يتبع صلاح السلطان حقيقة أن هذا الكتاب من حيث موضوعاته يمثل كتابأ في التأريخ ، إلا أنه يتميز عن كتب التاريخ الإسلامي المعهودة من حيث مضمونة ومادته ومنهجه، فلم يتضمن التاريخ للأحداث وسني وتوعها أو سير الخلفاء وأخبار الفتوحات الاسلامية والحروب التي وقعت في عهودهم، وانحصرت موضوعاته في أمور ترتبط بأخلاق الخلفاء وأفعالهم وأقوالهم، كان لها تأثير على الناس فقلدوها وعملوا بها. والمتصفح للكتاب يلاحظ أن الأمور التي يذكرها المؤلف تعتبر من وجهة نظره من الأمور الأوائل التي أخذ بها كل خليفة قولا وعملا، ولم يسبقه إليها أحد.
ان موضوع الأواثل في حد ذاته يمثل علما له دلالة وغاية، عرقه حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون عن أسماء الكتب والفتون بقول (12) : "علم يعرف منه أوائل الوقائع والحوادث بحسب المواطن والنسب، موضوعه وغايته ظاهرة، وهذا العلم من فروع التواريخ والمحاضرات، ولكن ليس بمذكور في كتب الموضوعات . لذلك فإن كتاب مشاكلة الناس لزمانهم وما يغلب عليهم في كل عصر، ينتمي إلى هذا الفرع من التاريخ ، بل هو من أقدم الكتب التي تناولت الأمور الأوائل: وقد كتب في هذا المجال عدد من المؤرخين والأدباء المسلمين، منهم من اتخذ "الأوائل" عنواتا لكتابه، ومنهم من ضمن العنوان مصطلح "الأوائل"، ومنهم من أفرد فصلا قائما بذاته بذكر الأوائل (16) حلجي ححليفة كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، جا ص 199
Shafi 8
============================================================
في كتابه ومن الأمثلة على ذلك الأوائل للطبراني (ت 360ه/ 969م)، والأوائل لأبي هلال السكري (ت 400ه1009م) والأوائل لمحمد بن أبي القاسم الراشدي (ت ه65ها 1257م)، ثم الوسائل إلى معرفة الأوائل لأحمد بن عبد الله الشبلي (ت 769ه/ 1367م)، وإقامة الدلائل على معرفة الأوائل لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، والوسائل في مسامرة الأوائل لجلال الدين عبدالرمن بن أي بكر السيوطي (911ه/ 1505م)، ومحاضرة الأوائل السابقين لمحمد أحمد على منصور وقد صدر في سنة 1390ه/ 1970م) . ومن بين الذين أفردوا فصلا قائمأ بذاته لذكر أخبار الأواثل نذكر ابن قتيبة الدينوري في "المعارف (551 - 558)، والبيهقي في المحاسن والمساوىء (2: 67 - 71) . وقد ذكر ياقوت كتابأ في الأوائل لعبدالله المدائني المتوفى سنة 225 ها .1)4839 بمقارنة محتوى هذه الكتب بما ورد في "مشاكلة الناس لزمانهم" يتبين لنا الاختلاف الكبير سواء في الأسلوب أو المضمون، فكتاب مشاكلة الناس لزمانهم تميز بذكر أمور أواثل معينة تخص فترة زمنية محددة، كما أنها مرتبطة بفئة الخلفاء والحكام، في حين نجد تلك الكتب تتناول أمورا أوائل عامة دينية ودنيوية، وغير مرتبطة بفية خاصة، وهذه الأمور مرتبة حسب الموضوع، ولتضرب لذلك أمثلة من كتابي الأوائل للطبراني والوسائل في مسامرة الأوائل للسيوطي ، فالأول يرتب الأمور الأوائل التي أوردها تحت أبواب مثل باب أول ما خلق الله القلم ، وباب أول ما خلق الله من الإنسان، وباب أول من جحد آدم عليه السلام .. إلخ، أما الثاني فهو يرتب الأمور الأوائل على عناوين مثل : بده الخلق، الطهارة، الصلاة، الجنائز، الزكاة، الصوم ، الحج والفرائض، الجهاد، اللباس الأسامي والألقاب ، الأطعمة، المبعث النبوي، الأمثال. إلخ: ادر اليتوبي التاريخة: يؤخذ على اليعقوبي أته لم يذكر مصادره التي اعتمد عليها في رصد ما احتوى عليه الكتاب من معلومات، ولم يضع مقدمة لكتابه يشير فيها إلى تلك المصادر كما فعل في مقدمة كتابه "التأريخ" وكما كانت العادة لدى معاصريه، ونادرا ما يسند معلومة إلى قائلها في صلب الكتاب. فلم يظهر الإسناد إلا مرتين اثنتين فقط، أسند إحداها أقوالا إلى سعيد بن المسيب (ت 94/93ه 713/711م) أما الثانية فقد أسند فيها أقوالا إلى عبدالله بن عتبة بن مسعود (ت 74/73ه 693/69م) . والمتصفح للمعلومات الواردة في الكتاب يجد أن لها أصولا في كتابه التاريخ - الجزء الثاني - مما يدعونا إلى الأخذ بأن مصادر اليعقوبي التاريخية لم تتغير بالتسبة للكتابين ويمكن حصر أسماء الذي روى عنهم اليعقوبي كما وردت في مقدمة الجزء الثاني من كتاب التاريخ حيث يقول : (17) ياقوت، معجم الأدباء جه1، ص138 179
Shafi 9
============================================================
"وكان من روئنا عنه في هذا الكتاب : إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي عن أشياخ بني هاشم ، وأبو البخترى وهب بن وهب القرشي عن جعفر بن مخمد وغيره من رجاله، وأبان بن عشمان عن جعفر بن محمد، ومحمد بن عمر الواقدي عن موسى بن عقبة وغيره من رجاله، وعبدالملك بن هشام بن زياد بن عبدالله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي ، وأبو حسان الزيادي عن أبي المنذر الكلبي وغيره من رجاله وعيسى بن يزيد بن دأب، والهيثم بن عدي الطائي عن عبدالله بن عباس الهمداني، ومحمد بن كثير القرشي عن أبي صالح وغيره من رجاله، وعلي بن محمد بن عبدالله بن سيف المدائني وأبو معشر المدني ومحمد بن موسى الخوار زمي المنجم - وماشاء الله الحاسب في طوالع السنين والأوقات، وأثبتنا عن غير هؤلاء الذين سمينا جملا جاء بها غيرهم ورواها سواهم وعلمناها من سير الخلفاء وأخبارهم (14)، يضاف إلى تلك المصادر خبرة اليعقوي الواسعة التي اكتسبها من معاصرته لعدد من الخلفاء العباسيين وهم المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله والمعتمد على الله ثم المعتضد، بالإضافة إلى إقامته في عدد من أقاليم الدولة الإسلامية متمتعا برعاية ذوي الأمر فيها، مما أتاح له التعرف عن قرب من خلال مشاهداته ومعاملاته على الأخلاق والعادات التي كانت سائدة، فكانت حصيلته مصدرا هاما لكتابته.
عرض وتحليل متوى الكتاب: يمكن تقسيم الكتاب إلى ثلاثة فصول تمثل العهود الثلاثة التي تناولها وهي الفصل الأول للعهد الراشدي والفصل الثاني للعهد الأموي والفصل الثالث للعهد العباسي ويستطيع القارىء من خلال تتبعه للأمور التي سادت في تلك العهود، أن يشكل لنفسه مجموعة من الصور الذهنية المختلفة في الشكل والمضمون . ويمكن إرجاع ذلك إلى اختلاف الفترة الزمنية التي عاش فيها كل خليفة وما تميزت به من خصائص ثقافية واجتماعية ودينية بالإضافة إلى الصفات الذاتية لكل خليفة، وهي عوامل حاكمة لأخلاقه وأقواله وأفعاله ويمكن أن نضيف عاملا آخر يتمثل في عاطفة الكاتب تجاه عهد من العهود أو تجاه خليفة دون آخر، لذلك فمن الطبيعي أن تتنوع الصور الذهنية بتتوع الأمور المختارة من قبل المؤلف حتى في الفصل الواحد الذي يمثل عهدا بعينه .
يذكر المؤلف في بداية الفصل الأول صفاتا مشتركة بين خليفتين هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، تتمثل في التواضع والزهد والخشونة في الملبس والمطعم بالإضافة إلى الحزم في أمور الدين والدولة، وقد تمثل بهذه الصفات عناهما في الأقاليم . وفي بيان الأمور المرتبطة بالخليفة عشمان بن عفان، رضي الله عنه، وعماله في الأقاليم، خص بالذكر جوانب أخرى تتمثل في السماحة والجود وصلة الأرحام ورفع القراية واتخاذ المال ، تاركا للقارىء أن يحدد لنفسه رأيا في (18) اليعقوي تاريخ، جا، ص1
Shafi 10
============================================================
ذلك، ولم يحاول أن يذكر أو يوضح بأن الخليفة عثمان لم يكن يستحل أموال المسلمين لا له ولا لغيره من الناس، وأنه ساوى بين الناس في العطاء، وأته كان يعطي أقرباءه من ماله الخاص، وكذلك كان عماله يؤكد ذلك ما يذكره الذهبي في كتابه دول الإسلام عن الخليفة عشمان حيث يقول "وكثر الخراج على عشمان، وأتاه المال من النواحي ، فاتخذ له الخزائن بالمدينة وكان يقسم بين الناس فيأمر للرجل بمائة ألف درهم (19)، أضف إلى ذلك ما يذكره الذهيي عن بعض عمال الحليفة عشمان الذين تشبهوا به وسلكوا سبيله في الجود ومنهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله، فالزبير "كان كثير المتاجر والأموال ، وقد قيل : كان له ألف مملوك يؤدون له الخراج، فربما تصدق بذلك في جلسه"، أما طلحة فكان يدعى وطلحة الفياض، و"طلحة الجود"، يقال : وإنه فرق في يوم واحد سبعمائة ألف درهم من ماله الخاص"(20).
أنهى المؤلف هذا الفصل بذكر الأمور المتعلقة بالخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من خلال كلمات موجزة تدل على "انشغاله بالحرب وأنه لم يلبس ثوبا جديدا، ولم يتخذ ضيعة ولم يعقد على مال، وأخذت عنه الخطب . " ومن هذا الوصف تتمايز الصور الذهنية لدى القارىء عن الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما.
كان الأحرى باليعقوي أن يعطي تفسيرا للوضع المالي لكل منهما ، فيذكر مثلا أن الخليفة عشمان كان تاجرا موسرا يتصف بالجود والكرم والتصدق بماله الخاص، وأن الخليفة علي كان يكسب ماله من كده وعرقه، وكان كذلك كريما وجوادا وأنه رحمه الله كانت له ضيعتان في ينبع جملهنا صدقة لفقراء أهل المدينة وابن السبيل بعد وفاته وفيما يلي نص كتابه في ذلك "ياقوت، بلدان،): 176): دبسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تصدق به عبدالله علي أمير المؤمنين تصدق بالضيعتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، ليقي بهما وجهه حر النار يوم القيامة، لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله، وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لأحد غيرهماه من ذلك الوصف يمكن الاعتقاد - لأول وهلة - بميل اليعقوبي عاطفيا نحو الخليفة علي، وهذا أمر إن أخذ في الحسبان يمكن تفسيره بتشيع في المؤلف، خاصة إذا أخذنا بحرفية الكلام لذكره عبارة "عليه السلام، في عقب اسم الخليفة ، إلا أن ذلك ليس بالدليل القاطع ، لأن تلك العبارة ذكرت مرة واحدة فقط ، وربما تكون من فعل الناسخ . والدليل على ذلك الاختلاف بين مخطوطات كتاب البلدان لليعقوي، فيعضها يشتمل على مثل هذه العيارة أو عبارة وبعضها الآخر خال من مثل هذه العبارات، وهذا يدعونا إرجاع ذلك على من نسخ المخطوطة (19) الذبي، دول الإسلام، جا ، ص24 (20) نفس المرجع ص ص 30 - 36.
191
Shafi 11
============================================================
يذكر المؤلف في الفصل الثاني من خصائص الخلفاء الأمويين بعض الأمور التي اختلفت سلوكياتها عما ساد في العهد الراشدي، بدأها بالاهتمام الكبير بمظاهر الابهة في الملك من بناء القصور واتخاذ الحرس والشرطة والحجاب ولبس الخز والوشي، واتخاذ الصوافي والضياع وأول من تمثل بذلك معاوية بن أي سفيان، وغلب ذلك على عماله، ثم خص المؤلف كل خليفة بعد معاوية بأمور وأفعال- غلبت كذلك على أصحابه وعماله- يستدل من طبيعتها الميل في جملتها إلى الجانب السيء من شخصية الخليفة، وقد اسثنى من ذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز، كما تحاشى ذكر الخليفة معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يذكر للوليد بن عبدالملك حسنة سوى بتاء المساجد.
يمكن إرجاع موقف اليعقوبي في اختياره هذه الأمور إلى تحيز في نفسه ضد الأمويين، فهو الكاتب العباسي النشأة والتربية الذي لم يستطع إخفاء ذلك التحيز في وصفه لكل من الشام والعراق، فالشام وهي دار ملك الأمويين قال فيها : وبأنها الوبية الهواء الضيقة المنازل الحزنة الأرض المتصلة الطواعين الجافية الأهل (21). أما العراق وهي دار ملك العباسيين فقد وصفها بأنها اوسط الدنيا وسرة الأرض . وباعتدال الهواء بها وطيب الثرى وغذوبة الماء حسنت أخلاق أهلها ونضرت وجوههم وانفتقت أنهانهم حتى فضلوا الناس في العلم والفهم والأدب والنظر.."(27) يمكن تتبع الأمور التي خص بها اليعقوب هؤلاء الخلفاء، فيزيد بن معاوية صاحب طرد وجوارح وكلاب ولهو ومنادمة على الشراب، وعبدالملك بن مروان فيه صرامة وحزم وبخل وحب للشعر والفخر والمديح وإقدام على الدماء، والوليد بن عبدالملك جبار عنيد ظلوم، ويزيد بن عبدالملك غلبت عليه جارية، وهشام بن عبدالملك خشن فظ بخيل، والوليد بن يزيد كان متهتكا ماجتأ خليعا، اطلق العنان للشراب واللهو والطرب وسماع الغناء، ومروان بن محمد بن مروان أظهر العصبية وأوقعها بين الناس أما الخليفة عمر بن عيدالعزيز فقد وصفه بما فيه من تواضع ونسك وتزهد ودين وتقرب لأهل الفضل . رفع عن الناس ما كانوا فيه من جور وظلم. ومنع لعن علي بن أبي طالب على المنابر وجعل مكانه : "اللهم اغفر لنا ولإخوانتا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربثا إنك رؤوف رحيم والوليد بن عبد الملك يشهد له اليعقوب في كتابه التاريخ بأمور حسنة كثيرة فهو يقول : "وكان الوليد أول من عمل البيمارستان للمرضى، ودار الضيافة، وأول من أجرى طعام شهر رمضان في المساجد، وصام الإثتين والخميس فأدمنه .(26.. إلخ . أما الحليفة الذي لم يأت على ذكره في هذا الكتاب فهو معاوية بن يزيد بن (21) اليمقوي، كتاب البلدان ، ص1 ، مضيوف الفرا اليعقوي الجغرافي المؤرخ، ص 86 (22) اليعقوي، كاب اللدان، ص ، مضيو الغرا، اليمقوي الجغرافي المؤرخ، ص85 .
(13) العقوي، تاريخ، -2، ص ص 290- 291.
192
Shafi 12
============================================================
معاوية فقد ذكره في تاريخه(1") ووصفه بأن له مذهيأ جميلا، وقد أورد خطبته في الناس يوم ملك ..
ومنها يستدل على رفضه لتصرفات والده يزيد بن معاوية ووصفه له بأنه لم يكن خليقا للخين، فركب هواء واستحسن خطاه وعظم رجلؤه فأخلف الأمل .. إلخ.
يلاحظ القارىء في الفصل الثالث بعض الأمور التي يذكرها المؤلف عن الخلفاء العباسيين تمثل جانبى الشخصية الإنسانية الحسن منها وغير الحسن، الأمر الذي يجعلنا نشعر معه بحياد في طبيعة كلامه . وقد خص اليعقوي لقب أمير المؤمنين لاثتين من الخلفاء العباسيين هما : أبو العباس السفاح والمأمون . ولم يذكر من أمور السفاح إلا أمرين ، الأول ، أنه أحياسنة رسول الله عندما خطب على المثبر واقفأ، والثاني، أنه كان سريعا إلى الأمر بسفك الدماء فتمثل بذلك عماله. أما أبو جعفر المنصور فخصه بكثير من الأمور، فكان أول هاشمي أوقع الفرقة بين ولد العباس بن عبدالمطلب وأي طالب بن عبدالمطلب، وأول من اتخذ المتجمين وعمل بالنجوم، وأول خليفة ترجم الكتب القديمة ونقلها إلى اللسان العربي، ونظر في العلم وروى الحديث، وكان أول خليفة بنى مدينة فتزلها وهي مدينة بغداد، كما أنه أول خليفة استعمل مواليه وغلمانهم وقدمهم على العرب، فامتثلت ذلك الخلفاء من ولده بعده . ولما تعرض لذكر الخليفة المهدي وصفه بأنه كان سمحا سخيأ كريا جوادا بالأموال فذهب الناس مذهبه، وهو أول خليفة أمر المتكلمين أن يضعوا الكتب للرد على الزتادقة وأهل الإلحاد، وبنى المسجد الحرام ومسجد الرسول بعد أن هدمته الزلازل. ويذكر الذهبي أن المهدي قد فرق على الناس مبلفأ كان قد تبقى في خزاثن أبيه ومقداره مائة ألف ألف درهم وستين ألف درهم (25). أما الأمور التي خص بها موسى بن المهدي فهي كانت على النقيض من أمور هارون الرشيد بن المهدي، فالأول كان جبارا مشت الرجال بين يديه بالسيوف المسللة، فتشبه عماله به، أما الثاني فكان متابعا للحج والغزو وبناء السدود والقصور فتشبه أهله وعماله وأصحابه وكتابه به، وكانت أيامه توصف بأيام العرس لكثرة المفضلين فيها، وكان يشجع الألعاب الرياضية وقدم اللعاب وأجرى عليهم الأرزاق، ونافسته في جده وهزله زوجته أم جعفر وأثارها في كلا الجانبين مبثوثة في كتب التاريخ . وكذلك الحال في أمور كل من الأمين والمأمون، فمحمد الأمين بن الرشيد قدم الخدم وآثرهم ورفع منازلهم، وقد وصفه الذهبي بأنه كان مبذرا للأموال لعابا (26). وعلى النقيض منه تجد المأمون الذي كان أول خليفة كتب على عنوانات كتبه وبسم الله الرحمن الرحيم" وأول من أرخ الكتب باسم كاتبها، وجالس المتعلمين والفقهاء والأدباء وأقدمهم من البلدان وأجرى لهم الأرزاق، وكان اكرم الناس عفوا وأحسنهم قدرة وأجودهم بالمال وأبذلهم في العطايا ، الا أنه كان في بداية أمره يذهب مذهب ملوك الفرس، وقال بخلق القرآن، وهما أمران سار عليهما (14) نفس المرجع، ص24 (25) الذهي، فول الإسلام، جه ص 112.
(46) تفس المرجع، ص124.
193
Shafi 13
============================================================
الخليفة المعتصم الذي غلبت عليه الفروسية والتشبه بالعجم فاستخدم آلاتهم وملابسهم وامتحن العلماء بخلق القرآن، ولما ولي المتوكل أبطل ذلك وأمر بإظهار القول بالسنة والجماعة ونهى عن الجدل ، إلا أنه أظهر العبث وأطلق في مجلسه الهزل والمضاحيك وأشياء رفض المؤلف الإفصاح عنها والإشارة إليها(2) .
تابع اليعقوي في هذا الفصل بيان أمور باقي الخلفاء العباسيين حتى المعتضد الذي وصفه بالشهامة والحزم، فالمتتصر كان بخيلا، وكان كذلك وزيره أحمد بن الخصيب ، والمستعين شغل نفسه عن كل شييء بما تهيا عليه من المخالفة والخلع، وكان أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة وصغر القلانس. والمعتز كان أول خليفة ركب بحلية الذهب فقلده الناس . وعلى النقيض من هؤلاء الخلفاء كان الخليفة المهتدي الذي ذهب إلى القضاء في الدين وجلس للمظالم ووقع بخطه وقرب الفقهاء (41)، وكان في بني العباس أشبه بالخليفة عمر بن عبدالعزيز في بني أمية . أما المعتمد فكان أول خليفة قهر وخجر عليه لأنه آثر اللذة وعكف على الملاهي: بعد هذا العرض لمحتوى الكتاب يستطيع المرء أن يخرج بتتيجة واضحة تتمثل في أن اليعقوب استطاع أن يضع أمام القارىء نماذج مختلفة للتقاليد التي سار عليها الناس في دولة الإسلام على مدى ثلاثة قرون تقريبأ، كان الأصل فيها، تقليد الخلفاء والحكام في كل عصر . وكان المؤلف يعطي الدليل تلو الدليل ليثبت ما ذهب إليه . وقد ثبت لنا من خلال عرضه الأمور الأوائل التي تخص كل خليفة أنه لم يخل من تحيز في نفسه للخلفاء العباسيين على حساب الخلفاء الأمويين، حيث تناول محاسن ومساوىء العباسيين، في حين لم يتعرض لمحاسن الأمويين باستثناء الخليفة عمر بن عبد العزيز، ورغم ذلك فقد نجح المؤلف في تاكيد تعميم يقول بأن صلاح الأمة يتبع صلاح السلطان ، وكان أسلوبه في ذلك عذبا وعرضه شائقا لا يشعر معه القارىء بالملل : والآن أترك القارىء مع نص الكتاب .
والله الوفق (27) يذكر الذهي في دول الإسلام ، جا ، ص 149، إن المتوكل أحيا السنة وأمات بدعة القول بخلق القرآن ولكته في تصب واتهماك على اللهو والمكاره ، وليه كرم زاتد (28) يذكر الذهي في دول الإسلام ج1 ، ص 155 أنه كان ذينأ ورعا وعابدا صارما شجاعا خليقأ للإمارة (29) الذهي ، دول الإسلام ، ج1 ، ص 169 ، وصف المعتمد بأنه كان منهمكا على اللهو والملذات يشكر ويعربد.
194
Shafi 14
============================================================
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا حمد "كتاب مشاكلة الناس لزمانهم وصا يغلب عليه في كل عصره قال الشيخ الإمام الحافظ العلامة أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن واضح رحمه الله : فأما الخلفاء وملوك الإسلام، فإن المسلمين في كل عصر تبع للخليفة يسلكون سبيله ويذهبون مذاهبه، ويعملون على قدر ما يرونه منه، ولا يخرجون عن أخلاقه وأفعاله وأقواله (الفصل الأول) (ذكر الخلفساء الراشدين] () فكان أبو بكر بعد رسول الله أزهد الناس وأشدهم تواضعا وتقللا في لباسه، وكان يلبس وهو خليفة الشملة(2) والعباءة . وقدمت عليه أشراف العرب وملوك اليمن وعليهم التيجان وبرود الوشي والحبر(2)، فلما رأى القوم تواضعه ولباسة نزعوا ماكان عليهم وذهبوا مذهبه واقتفوا أثره.
وكان ذو الكلاع(1) ملك حمير فيمن قدم على أبي بكر في عشيرته وقومه وعليه التاج، وكان له عشرة ألف عبد خولا في مخاليفه، فلمارأى لباس أبي بكر قال : ما ينبغي لنا أن نفعل بخلاف ما عليه خليفة رسول الله ، فنزع لباسة الأول وتشبه بأي بكر، حتى أنه رؤي (4) في سوق المدينة يحمل جلد شاة على قفاه، فقالت له عشيرته وقومه: فضحتنا، أنت سيدنا تحمل شاة بين المهاجرين والأنصار . قال : أفأردتم(2) مني أن أكون جبارأ في الجاهلية جبارا في الإسلام وكان الأشعث بن قيس (1) ملك كندة يلبس التاج وتخيا بتحية الملوك فلما أسلم بعد ارتداده وزوجه أبو بكر أخته أم فروة بنت أبي قحافة تواضع بعد التكبر، وتذلل بعد التجبر، حتى كان يشد عليه شملة خلقة ، ثم يهنا (4) البعير بيده تشبها بأبي بكر واطراحا للأخلاق التي كان عليها في الجاهلية .
وكان أبو بكر رحمه الله لا يحمل أحدا من الأشراف على التجاوز، حتى إنه بلغه عن أي سفيان (1) الاضافة عنوان لما بعده (1) ابن منظور، لسان العرب 11: 368 الشملة عند العرب مثزر من صوف أو شعر يؤتزر به (4) لسان العرب4: 15 الحبرة والحبرة ضرب من برود المن مشمر، والجمع حبر وحبرات (4) يذكر خليفة بن خياط في تاريخه : 194 أن ذا الكلاع قتل مع معاوية في صفين عام 38ه (659/658م) .
(5) في الأصل : دمى.
(6) في الأصل وفي طبعة ملورد : فأردتم (7) توفى الأشعث بن قس عام 40ه(661/60م) انظر خليفة بن خياط 199. المسقلاني تهذيب 1: 409 (8) وره في مامش المخطوطة : بدته بالكبريت ونوه ولسان العري ا: 186 - 187 : الهناه ضرب من القطران، وقد هنأ الإبل يهثوها وبستها هشا وهناه : طلاها بالهنه 9
Shafi 15
============================================================
بن حرب أمررها يكرهه، فدعا به، فجمل يصيح عليه، وأبو سفيان يتذلل له ويتواضع بين يديه، وأقبل أبو قحافة(1) يقوده قائده وكان قد غمي فسمع صياح أبي بكر ، فقال لقائده : على من يصيح أبو بكر؟ قال : على أبي سفيان بن حرب . قال أيا عتيق (11): أعلى أبي سفيان ترفع صوتك ؟ لقد تعديت طورك، فقال : يا أبه إن الله قد رفع بالإسلام قوما ووضع به آحرين وكان عمر بن الخطاب رحمه الله تعالى مع تواضعه وخشونة ملبسه ومطعمه شديدا في ذات الله فكان عماله وسائر من يحضره أو يغيب عنه يتشبهون [به](12) ولا يفارق أحد من أصحاب رسول الله وكان يلبس الجبة الصوف ويشتمل بالعباءة، ويهنأ البعير، ويحمل قربة(12) الماء على ظهره لأهله وكان العامل من عماله، وهم أمراء الأمصار (والأجناد)(14)، وقد فتح الله عليهم وخولهم ومكن لهم وأغناهم وأكفاهم، يتحفون ويخلمون التعال ولا يلبسون الخفاف ويلبسون غلاظ الثياب.
وإذا قدمواعليه شعثأ غبرا، غلاظأ ثيابهم، شحبة ألوانهم فإن رآهم أو بلغه عنهم غير ذلك أنكره عليهم، وكان ركوبهم الإبل اكثر من ركونهم للخيل على التشبه بعمر وسلوك فعله، وما كانوا عليه على عهد رسول الله، حتى إنه رؤى على أي عبيدة بن الجراح (10) وهو أمير الشام، وقد فتحها الله عليه، جمة صوف قد تغيرت رائحتها، فقال أبو عبيدة : لقد جلست إلى رسول الله فيما هو أشد رائحة من هذا فيما أنكره.
وكان سلمان الفارسي عامل عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يلبس غليظ الثياب ويركب الحمارة ببرذعة مرسنة بحبل ليف . وحضرته الوفاة فأتاه سعد بن أبي وقاص فقال له : أوصني يا أبا عبدالله فقال : نعم، أذكر الله عند همك إذا هممت، وعند لسانك إذا حكيت (11)، وعند يدك إذا قسمت . وجعل سلمان يبكي فقال له : يا أبا عبداله، مائبكيك ؟ قال : سمعت رسول الله يقول : إن في الآخرة عقبة لا يقطعها إلا المخفون . وأرى هذه الأساود حولي. فنظرنا فما رأينا إلا اداوة أو ركوة أو قدرا أو مظهرة .
(9) في الأصل وفي طبعه ملورد أمرا والصحيح أمر وموقمها من الإعراب فاعل بلغ (10) آبو تحافة هو عشمان بن عامر بن عمرو بن كمب بن سعد بن تيم بن مرة (انظر طبقات خليفة : 17) (11) في الأصل: أبا، وفي طعة ملورد : أبو والصحيح أيا حيث يقال بأن عتيق كان من أسماء أبي بكر (انظر خليفة طبقات: 17 السيوطي، الوسائل في نسامرة الأوائل، ص 70.
(12) الإضافة من المحقق يفتضيها سياق الكلام وكمال المعنى (13) في الاصل : القربة قال قتادة : كان عمر يلبس بة صوف مرقوهة بادم (الذهبي ، دول الإسلام 1: 19) .
(14) في الأصل بالحاشية.
(15) أسم أبي عبيدة : عامر بن عبدالله ين الجراح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كناتة ، مات أبو حبيدة في طاعون صمواس بالشام عام 18ه 139م (انظر حليفة : طبقات: 27، .* وابن حرم : جهرة الأنساب: 126 (19) في الأصل : حكت .
196
Shafi 16
============================================================
وولى عمر بن الخطاب عمير بن سعد الأتصاري جند حمص، فأقام حولا ثم انصرف على جمله على الحال التي مضي من عند عمر بها فقال عمر : ويح قوم وليت عليهم أما عرفوا لك حقا؟ أو كماقال..
وحج عمر بن الخطاب فقال لابنه عبدالله: كم أنفقنا في حجتنا؟ فقال : ستة عشر دينارا، فقال: لقد أسرفنا في هذا المال.
وكان عشمان بن عفان رحمه الله في السماحة والجود وصلة الأرحام ورفع القرابة واتخاذ المال على ما كان عليه، فامتثل الناس فعله، فبنى عثمان داره بالمدينة، وأنفق عليها مالا جليلا، وشيدها بالحجارة، وجعل على أبوابه مصاريع الساج، واتخذ أموالا بالمدينة وعيونا وإبلا قال هبدالله بن عتبة(1). كان لعثمان بن عفان يوم مات عند خازنه مائة ألف وخمسون ألف دينار وألف ألف درهم وكانت ضياعه بثر أريس (14) وخيبر ووادي القرى قيمته مائتا ألف دينار، وخلف خيلا وإبلا. وفي أيام عثمان اتخذ أصحاب رسول الله الأموال وبنوا الدور . فبنى (14) الزبير بن العوام (20) داره المشهورة بالبصرة وفيها الأسواق والتجارات، وبنى الزبير أيضا دارا بالكوفة ودارا بمصر ودارا بالاسكندرية، وبلغ مال الزبير خمسين ألف دينار، وترك ألف قرس وألف مملوك، وخططأ بمصر والاسكتدرية والكوفة والبصرة: وبنى طلحة بن عبيدالله (21) دورا وعقارات قومت بمائة ألف دينار . وكانت غلته بالعراق في كل يوم ألف وافي، وغلته بالشام عشرة آلاف دينار وبنى داره بالجص والآجر والساج وترك من الذهب والفضة مالا جليلا.
وبنى عبدالرمن بن غوف (22) داره فوسعها، وكان له ألف بعير وعشرة الاف شاة وماثة فرس وبلغ ربع ثمن ماله آربعة وثمانين ألف دينار. وبنى سعد بن أي وقاص داره بالعقيق(22) فشيدها (17) عبداله بن عتبة بن مسمود بن غافل بن حبيب بن شسخ بن فأر بن ضاهلة بن الحارث بن تميم بن ضعد بن هذيل، يكنى أبا هيدالرحمن ولي القضاء بالبصرة من قبل مصعب بن الزبير، مات سنة 74ها/ 643م انظر العسقلاقي ، تهذيب ، : 312، خليفة، طبقات: 141- 142، تاريخ خليفة: 269.
(18) يذكر أبو الفداء ، تقويم البلدان : 87 أن بثر أريس بالمدينة وهو البثر الذي سقط فيها خاتم التبى من يد عشان وجد في طلبه فل يهده.
(19) في الأصل : وبتا .
(40) الزير بن العوام بن خويلد بن اسد بن عبدالعزى بين قصي . يكنى ابا عبدافه ، استشهد في سفوان من ناحية البصرة سنة 36(656/ 157م) انظر خليفة، طبقات: 13 (21) طلحة بن عبيداله بن عثمان بن صمرو بن كمب بن سعد بن قيم بن مرة، يكنى أبا محمد، قتل يوم الجمل بالبصرة عام 256- 197م. انظر خليفة، طبقات : 18. 189 تاريخ القو 2: 47، 129، 108، 110 (22) عيد الرحمن ين عوف بن عبد بن عوف بن عبدالحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى ، ويكنى ابا حمد ، مات بالديتة عام 32ص/ 2هه (خليفة، طبقات : 15) (4) المقصور : عقيق المدينة (انظر ياقوت : تقويم البلدان: 138 - 141 197
Shafi 17
============================================================
وجعل لها شرافات قال سعيد بن المسيب(11): وترك زيد بن ثابت(16) من الذهب والفضة ماكان يكسر بالفترس، ومالا وضياعا وعيونا مبلغها مائة ألف وخمسون آلف دينار، وترك يعلي بن متبه التميمي (12) خمسمائة ألف دينار وعقارات وضياعا وعيونا بقيمة ثلاثمائة ألف دينار . وبنى المقداد (27) قصره بالجرف (4") باللبن، وجصص باطنه وظاهره ، وجعل له شرافات ولم يفعل أحد من الناس هذا على عهد غمر وإنما فعلوه بعده وكان علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) (24) مشغلا أيامه كلها بالحرب إلا أنه لم يبلس ثويا جديدا، ولم يتخذ ضيعة، ولم يعقد على مال ، إلا ما كان له بينبع والبغيغة (3) مما تصدق به وحفظ الناس عنه الحخطب، فإته خطب بأربعمائة خطبة عفظت عنه، وهي التي تدور بين الناس ويستعملونها في خطبهم وكلامهم (24) سيد بن المسيب بن حزن بن آي وهب بن همرو بن هائد بن عمران بن خروم، يكنى آبا حمد، توف سنة 93ه آو 94(711- 713) كان سعيد أحد الفقهاء السبعة بالدينة، سمع سعد بن أبى وقاص الزهري وأبا هريرة رضي ال عنهما، واكر روايته المسند عن أي هريرة رضي الله عنه ، وكان زوج ابتته . (راجع تربهمة سعيد بن المسيب في طبقات ابن سعده : 116، خليفة، طبقات 144، العسقلان، تهذيب4 84 وابن حلكان، وفيات 2. 375) (10) زيد بن ثايت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن صرو بن عبد بن هوف بن لنم بن مالك بن النجار، يكنى آيا سعيد، مات سنة 4ه/ 655م راجع خليفة، طبقات 89 - 40، الذمي، تاريخ الإسلام، 1 46.
(26) يعلى بن مرة بن وهب بن جابر بن عتاب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن هوف بن قي بن متبه، (حليفة، طبقات : 53) وهو عامل عمر وعشان على اليمن (تاريخ اليعقوي 2: 157، 161، 176، 11) ويذكر باقوت (مبم البلدان 2 : 407) آن يلي ين منبه كان أمير خلاف خولان باليمن عندما افح هذا المخلاف في أيام صمر بن الحطاب، رضي الله عته (27) هو المقداد بن صرو بن تعلية بن مالك بن ربيمة بن ثيامة بن مطرود بن عمرو بن دهير بن اؤى ينتهي تسبه إلى قضباعة وهو المعروف بالمقداد ابن الأسود، توفي سنة 73م/ 10م (خليفة، طبقات : 16 - 17)، لزيادة التفاصيل من المقداد راجع ابن حزم، جهرة : 441، ابن سعد، طبقات 3: 191، سيرة ابن هشام : 426.
(38) الجرف اسم لثلاثة مواضع : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام وموضع بالحيرة كاتت به منازل المندر، وموضع قرب مكة (ياقوت، بلدان2: 128) (24) في الأصل وفي طبعة ملورد : عليه السلام (40) الكلمة غير منقوطة في الأصل وكذلك في طيعة ملوره والبفيبغة : البثر القريية الرشا . وحول هذا الموضع انظر باقوت بلدان (1 12624421- 122) 198
Shafi 18
============================================================
(الفصل الثاني) (ذكر خلفاء بني أمية] (1 وكان معاوية بن أي سفيان، فبنى القصور، وشيد الدور وعلى الستور، واتخذ الحرس، واتخذ الشرطة وأقام الحجاب، وبنى(2) المقاصير في المساجد، وركب الثواب الهماليج(2) بالسروج المصففة، ولبس الخز والوشي، واتخذ الصوافي والضياع، وغمل له الطراز باليمن وبمصر والاسكندرية والرها(4)، فاتخذ أهله وولده وعماله ما اتخذ، وفعلوا مثل ما فعل. فبنتى عمرو بن العاص داره بمصر، والتخد لنفسه الضياع ، وغرس في ضيعته التي يقال لها الوفط(2) بالطائف ألف ألف عود كرم، فكانت غلته عشرة آلاف ألف درهم، وخلف عمرو يوم مات ثلاثمائة ألف دينار.
وقال لما حضرته الوفاة : ياليتها كاتت مائة ألف دينار وفعل عبدالله(2) بن عامر بن كرئز عامل معاوية بالبصرة مثل ذلك فحفر الأنهار وشيد الدور وبتى القصور واتخذ الضياع والأموال والأجنة بالبصرة وبمكة والطائف وفعل زياد (2) عامل معاوية على العراق ذلك بالكوفة والبصرة وسائر العراق . واتخذ الضياع وينى وشيد البنيان وخلف زياد يوم مات ستة آلاف ألف دينار (ومائة ألف درهم(2) فأخذها معاوية وهكذا كان معاوية يفعل بعماله(4) وربما شاطر ورشتهم(10).
وفعل مسلمة بن خلد(11) عامل معاوية على مصر مثل ذلك ، فاتخذ ضياعا بمصر وقفها على قوم وخلف يوم مات مائة ألف دينار وألف ألف درهم.
وجعل غقية بن عامر الجهي (12)، وكان عامل معاوية أيضأ على مصر، ضياعا بمصر، وحبس (1) الإضافة من المحق هنوان لما بعده (2) في الأصل بنا . حول ما تيز به معاوية راجع : أبو هلال العسكري، الأواتل (2 : 38) (3) المشلاج من البراذين، واحد الباليج ومشيها المحلجة فارسيي معرب ، والمملاج : الحسن السير في صرعة وبخترة (أنظر في لسان المرب: 2: 394-392) (4) الرها : مدينة قديمة تقع بالجزيرة بين الموصل والشام (انظر ياقوت بلدان 3: 0- 107) (5) الوغط : قرية بالطائف كانت لعمرو بن العاص، يذكر ياقوت، بلدان (5 : 386) أن ابن الأعراي قال : عرش عمرو اين العاص بالوهط ألف ألف حود كرم على ألف ألف خشبة تباع كل خشبة بدرهم (1) وعبداله مكررة في التص . كوفي حبداله بن عامر بن كريز سنة 9هها 679م (انظر تاريخ خليفة 222) .
) هو زياد بن أي سفيان، يكنى أبا المغيرة مات سنة 3هه/ 673م (حليفة، طبقات : 191) (4) الإضالة من المحامش (9) في الأصل : يقول لصماله (10) في الأصل ورته (انظر تاريخ اليعقوي * : 242).
(11) مسلمة بن خلد بن الصامت، يكنى أبا معاوية، توفى سنة 9هها 678م (انظر خليفة ، طبقات : 292 ، تاريخ خليفة98، 227، اين الكلي، الشب الكبير: 284) (12) مات عقبة بن هامر الجهني سنة 58ه/ 677م (انظر حليفة . طبقات : 121، 292، ابن عبدالبر، الاسنيعاب ، 73، السفلاني، إصابة 2: 482) 199
Shafi 19
============================================================
بعضها، وبنى دارا بمصر بالحجارة والجص، وخلف ثلاثين ألف دينار وسبعمائة ألف درهم وباع خويطب بن عبد العزى(1) دارأ من معاوية بأربعين ألف دينار، فقيل له : يا أبا محمد أربعود الفأ؟ فقال : وما أربعون ألف دينار لرجل عليه ستة من العيال . وكان معاوية يقول أنا قتق(11) الملك. وكان يزيد بن معاوية صاحب طرذ(15) وجوارح وكلاب وهو ومنادمة على الشراب، فغلب ذلك على أصحابه وفي عصره ظهر الغناء بمكة والمدينة واستعملت الملاهي، وأظهر الأشراف الشراب.
ثم كان عبدالملك بن مروان ، فكان صارما حازما بخيل(17)، يحب الشعر والفخر والتقريظ والمدح، وكان في عصره فحول الشعراء جرير والفرزهق والأخطل وغيرهم . وكثر الشعر في أيام عبداللك وامتدحت الشعراء الأمراء والأشراف وطلبت الثواب . وكان لعيدالملك إقدام على الدماء ومعاجلة . فكان عماله على مثل مذهبه، الحجاج بالعراق (11) والمهلب (14) بخراسان وهشام ابن إسماعيل المعخزومي بالمدينة وعبدالله بن عبدالملك بمصر وموسى بن نصير اللخمي بالمغرب ومحمد ابن يوسف الثقفي أخو الحجاج باليمن ، وحمد بن مروان بالجزيرة والموصل، وكلهم جائر ظالمم غشوم عسوف، وكان الحجاج من أظلمهم وأقدمهم على الدماء: وكان الوليد بن عبدالملك جبارا عنيدأ ظلوما، وكان عماله في جميع البلدان على مثل مذهبه، فكان عمر بن عبدالعزيز يقول : الوليد بالشام والحجاج بالعراق وعثمان بن حيان (19) بالحجاز ومحمد ابن يوسف باليمن وقرة بن شريك(20) بمصر وموسى بن نصير بافريقية . امتلات الأرض جورا.
ولم يعرف من مذهب الوليد شيء إلا بناؤه المساجد فإنه بني مسجد دمشق(21).
(13) خويطب بن عبدالعزى بن آبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لف، مات سنة 52ه/ 973م (انظر خليفة، طبفات . 37، تاريخ اليعقوي:55، 63، 167، السقلاي، تذيب، 2، 27).
(14) في الأصل ضقت وفتقت متا بمعنى قومته ووسته (المعجم الوسيط: 179) (15) الطرد : المطاردة قي الصيد يقولون هذا يوم الطرد . (المعجم الوسيط 2 : 560) (11) أبو هلال العسكري، الأوائل 1 : 365 "كان يكنى رشح الحجارة لبخلهه انظر تاريخ اليعقوي، 2802.
(17) الحجاج بن يوسف التقفي ، توفى وهو ابن ثلاث وخسين في سنة 95هل 714/713م . (لزيادة التفاصيل انظر تاريخ خليفة: 307، المسعودي، التنبيه والاشراف: 271 - 274) (18) هو الهلب بن أي صفرة يكتى أبا سيد، مات سنة 81ه أو 82ه(1/770 70م) لزيادة التفاصيل عن المهلب اتظر بقات: 201، السقاي، تذيب10: 30 (19) موعشان بن حيان المري (تاريخ خليفة: 31- 312، 312، 328، 430).
(20) قرة بن شريك العبسي (تاريخ خليفة: 391) .
(21) أوره اليمقوب في تارخه (2..79 - 291) مايلي : ووكان (الوليد) أول من همل البحارستان للمرضى ، ودار الضيانة ، وأول من أجرى على العميان والمساكين والمجذمين الأرزاق ، وكان ممن أحدث قتل المصلة ، وأحصى أهل الديوان ) والقى منهم بشرا كيرا بلفت عدمهم عشرين ألفا ، وأول من أجرى طعام شهر رمضان في المساجد ، وصام الاثنين والخميس فأدمه، وأول من أخذ بالقدف والظنة وقتل بهما الرجال ، وانكسر الخراج في أيامه، فلم يحمل كثير شييعه .
Shafi 20