فغضب على رفيقه لكونه لم يصنع له طعامًا، فقتله، ثم خاف أن يُقْتَل فارتدَّ واستاق إبل الصدقة، وأنه كان يهجو رسول الله ﷺ ويأمر جاريتيه تغنيان بذلك (^١)، فله ثلاث جرائم مبيحة لدمه: قتل النفس، والرِّدة، والهجاء.
فلا يمكن قتله أنه كان بالقِصاص (^٢)؛ لأنه كان ينبغي أن يُسَلَّم إلى أولياء القتيل الذي قتله من خُزاعة؛ إما أن يقتلوه، وإما أن يعفوا عنه، أو يأخذوا (^٣) الدِّيَة.
ولم يُقتل لمجرّد الردة - أيضًا - لأن المرتَدَّ يُستتاب، وإذا اسْتَنْظَرَ أُنْظِر، وهذا ابن خَطَل قد فرَّ إلى البيت عائذًا به، طالبًا للأمان، تاركًا للقتال، مُلْقيًا للسلاح، وقد أمر النبىُّ بعد علمه بذلك بقتله، وليس هذا سنة من يُقْتَل لمجرَّد الرِّدة، فثبت أنه إنما كان لأجل الهجاءِ والسَّبِّ.
الحديث الثاني عشر: أنَّ النبِيَّ ﷺ أمر بقتل جماعةٍ لأجل سبِّه ﷺ، وقَتَل جماعةً لأجل ذلك، مع كَفِّه عمن هو بمنزلتهم في كونه كافرًا حربيًا؛ فمن ذلك ما تقدم عن ابن المسيب أن النبي ﷺ أمر يوم فتح مكة بقتل ابن الزِّبَعْرَى (^٤).
_________
(^١) انظر: (ص/ ٦٤).
(^٢) كذا بالأصل، وهو واضح المعنى.
(^٣) بالأصل: "يأخذ" بالإفراد، وأصلحناه ليتحد السياق.
(^٤) ذكره ابن سعد في "الطبقات": (٢/ ١٤١)، قال شيخ الإسلام في "الصارم": (٢/ ٢٦٧): "وسعيد بن المسيّب هو الغاية في جودة المراسيل، ولا يضره أن لا يذكره بعض أهل المغازي - أي ابن الزِّبَعْرى - ومن أثبت الشيء وذكره حجة على من لم يُثبته" اهـ.
1 / 66