كلاهما منزّلًا، أو يكتب ما أنزله الله فقط، وكان هذا التخيير من النبي ﷺ توسِعَةً في المُنَزَّل، وثقة في (^١) الله بحفظ القرآن، وعلمًا بأنه لا يكتب إلا ما أنزل، وليس هذا بمنكرٍ في كتابٍ تولَّى الله حفظه، وضمن أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلْفِه.
وذكر بعضهم وجهًا ثالثًا: أنه ربما كان يسمع من النبي ﷺ الآية حتى لم يبق منها إلا كلمة أو كلمتان، فيستدّل بما قرأ منها على باقيها، كما يفعله الفَطِن الذكيُّ، فيكتبه ثم يقرأه على النبي ﷺ فيقول: "كذاك أُنْزلَ"، كما اتفق مثل ذلك لعمر بن الخطاب في قوله: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ (^٢) [المؤمنون: ١٤].
قال شيخ الإسلام: والقول الأول أشبه الأقوال.
الحديث العاشر (^٣): حديث القَيْنتين اللتين كانتا تغنيان بهجاء النبيّ ﷺ، ومولاة بني هاشم (^٤).
_________
(^١) كذا استظهرت، والكلمتان غير محررتين في النسخة، وفي الصارم: "أو ثقة بحفظ الله ... ".
(^٢) أخرجه الطيالسي في مسنده: (ص/ ٩ رقم ٤١)، وابن أبي حاتم وابن مردوية وابن عساكر - كما في الدر المنثور: (٥/ ١٢) - عن أنسٍ أن عمر قال: وافقت ربي في أربع فذكر هذه الآية منها.
وأخرجه الطبراني في "الكبير": (١١/ ٤٣٩) وابن مردوية - كما في الدر: (٥/ ١٤) - عن ابن عباس، وفي سنده مقال، انظر "مجمع الزوائد": (٩/ ٧١).
(^٣) "الصارم": (٢/ ٢٤٩).
(^٤) انظر "مغازي الواقدي": (٢/ ٨٥٩)، و"سيرة ابن هشام": (٢/ ٤٠٩ - ٤١٠).
1 / 64