القرآنُ على سبعةِ أحْرُفِ كلُّها شافٍ كافٍ، إن قلتَ: "عزيز حكيم" أو "غفور رحيم" فهو كذلك ما لم تَخْتم آيةَ رحمةٍ بعذاب أو آيةَ عذابٍ برحمةٍ" (^١).
فالأحاديث تدلُّ على أن من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن أن تُخْتم الآية الواحدة بعدَّة أسماء من أسماء الله تعالى على سبيل البدل، يُخَيَّر القارئُ في القراءة بأيِّها شاء، فكان النبي ﷺ يُخَيّره أن يكتب ما شاء من تلك الحروف، وربَّما قرأها النبيُّ بحرفٍ، فيقول له: أو كذا وكذا لكثرة ما سمعه منه يُخَيِّر بحرفَيْن، فيقول له: "نعم كلاهما سواء"؛ لأن الآية نزلت بالحرفين معًا، فيقرّه على ذلك، ثم إن الله نسخ بعض تلك الحروف لما كان جبريل يُعارض النبيَّ بالقرآن في كلِّ رمضان، وكانت العرضة الآخرة على حرف زيد بن ثابت الذي يقرأ به الناس اليوم، وهو الذي جمع عثمانُ والصحابةُ عليه الناسَ.
ورُوِيَ فيها وجه آخر (^٢): أنه كان يقول للنبيِّ ﷺ: أكتب "تعملون" (^٣) أو "تفعلون"؟ فيقول له: "اكتب أيَّ ذلك شئت".
فيوفّقه الله للصواب من ذلك، فيكتب أحب الحرفين إلى الله إن كان
_________
(^١) هذا الحديث معدود من الأحاديث المتواترة واتفق على تخريجه أصحاب الصحاح والسنن المسانيد، وفي بعض طرقه ألفاظ وزيادات، واللفظ المذكور ملفَّق من عدة روايات. انظر: "قطف الأزهار": (ص/ ١٦٣)، و"المرشد الوجيز": (ص/ ٧٧ - ٩٥) لأبي شامة.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد في "الناسخ والمنسوخ" - كما في الصارم: (٢/ ٢٤٥) وساق سندَه - وابن أبي حاتم - كما في الدر المنثور: (٣/ ٥٥) - مختصرًا، وسنده مع إرساله ضعيف جدًّا.
(^٣) في "الأصل": "تعلمون" سبق قلمٍ.
1 / 63