في ذكر كفارة الأيمان على من حنث واجبة وهي اليمين التي ذكرها الله في المائدة لكل يمين، واليمين هي الحلف بالله، والقسم والألية بالحلف بالله، ووالله، وتالله، ولا والله، وبلى والله، وربي، وربك، ورب الكعبة، ورب السماء، ورب الأرض، وإي وربي، ورب القرآن، وفي كل ما ذكر الله حالفا به فهو يمين، وإذا حنث لزمه الكفارة، ومن حلف على محدود لا يأكله، فأكل منه لم يحنث، حتى يأكله كله، ومن حلف على غير محدود لا يأكله فأكل منه حنث، ومن حلف على غير محدود جاز له بدله، ومن حلف بعهد الله وميثاقه، فيختلف في الكفارة عليه، وأكثر القول أنه يمين مغلظ، وفيمن يقول: والله والله والله ما فعلت كذا وكذا، فقيل عليه في هذا كفارة واحدة، وليس للمملوك أن ينذر بغير إذن سيده، وإن نذر بإذنه، ووجب عليه الإطعام فليس له أن يطعم إلا بإذن سيده، وإن لزمه بدل صوم أو صلاة أو كفارة، فأما الصلاة فيبدلها، وأما الصوم والكفارة فيعتقد تأديتها، إن لم يأذن له سيده، متى قدر، أو أعتق فيقضي ذلك، وفي امرأة قالت: إن تزوجت فلانا فعلي حجة أمشيها حافية، وهي فقيرة، وتزوجت ما يلزمها، فقيل في ذلك اختلاف، بعض ألزمها صيام أربعة أشهر، وقول: لا شيء عليها، وإن قدرت على الحج حجت، وقول عليها كفارة يمين مرسلة: صيام ثلاثة أيام -والغني يطعم عشرة مساكين، إلا أن مثل هذا يستر عن الجهال- وإن كان يمينها بالمشي عن الحج، وقدرت على الحج راكبة، فإن شاءت حجت راكابة في عامين، وإن شاءت حجت وأحجت معها رجلا أو امرأة، تحمله إلى أن يصل مكة الشريفة، وليس عليها حمله راجعا، وقيل في رجل حلف إن فعل كذا وكذا، فعليه صيام سنة، أو صيام الدهر، ثم حنث، فقال من قال: عليه ما جعل في نفسه، وقول: عليه كفارة يمين مرسل، ومن حلف لا يشرب الخبائث، فكل حرام خبيث، وكذلك ما أجمع المسلمون على تحريمه، فهو حرام خبيث، وقيل في امرأة نذرت أن يجيئها ولد ذكر ويعيش فهي* تصوم لله تعالى سبعة أشهر، فجاءها ولد وعاش سبعة أشهر ثم مات، فقيل، إن كانت أرسلت القول في يمينها فيلزمها ما جعلت على نفسها، وإن كانت نوت في يمينها أن يعيش سنين معروفة، فلا يلزمها وفاء النذر، والله أعلم، وقيل في امرأة قالت يلزمني ألف يمين، إن فعلت لزوجي كذا وكذا، فقيل يلزمها في كل شيء تفعله له يمين، وقول يمين واحد يجزيها لجميع ما حلفت، وتكفر كفارة يمين مرسلة إذا حنثت، ويختلف في قولها ألف يمين، ولم تقل بالله، فقول ليس بيمين حتى يقصد به اليمين، وقول هو يمين، وفي امرأة قالت لزوجها حرام على عيشك إن أكلت منه، فقيل: يجوز لها أن تأكل منه وتتوب إلى الله سبحانه، وتكفر كفارة يمين مرسل، ومن حلف لا يبيع فباع حنث، ومن حلف لا يبادل فبادل حنث، وإن حلف لا يشرب فشرب حنث، أو لا يذوق فذاق، أو لا يأكل فأكل، أو لا يفعل ففعل حنث، ومن حلف عن فعل شيء أنه لا يفعله مما له فيه الثواب فليكفر عن يمينه، ولا بأس باليمين، ومن حلف بالحج أو المشي إلى بيت الله الحرام، أو حلف بالصدقة، أو العتق، أو الصيام أو الصلاة، أو الاعتكاف، أو العهد، ثم حنث لزمه ما جعل من ذلك على نفسه كله، ومن قال لعنه الله، أو أخزاه، أو قبح الله وجهه، أو مقته، الله، أو أدخله الله النار في الآخرة، أو في نار جهنم فحنث، إذا حلف به لزمه كفارة يمين مرسل، وقد قيل مغلط، ومن قال هو مشرك بالله، أو يهودي أو نصراني، أو من ملل المشركين، أو من المنافقين، أو من الكافرين، أو من الظالمين، أو يعبد الشمس، أو يعبد الجمجمة، أو يعبد النار، أو الشياطين، إن فعل ثم حنث لزمه كفارة يمين مغلظ، واليمين إنما تقع على الأسماء في لفظ الحالف، ولو نوى اليمين ولم يحلف، لم يكن يمينا، وإن قال أقسمت يمينا بالله، أو على يمين بالله لا فعلت أو لأفعلن، ثم حنث، فعليه اليمين، يمين مرسل، ومن حلف على طعام لا يأكل منه فأكل منه، أو من بديله، حنث، ومن حلف على شيء محدود لا يأكله لم يحنث حتى يأكله كله، ولا يحنث* من حلف لا يأكل البسر فأكل الرطب، ومن حلف لا يأكل الرطب فأكل التمر فأكل الدبس، والخل، لأن هذا اسمه غير اسم هذا، ومن حلف لا يأكل بسر نخلة أو شيئا محدودا لم يأكل رطب تلك النخلة ولا تمرها، ولا دبسها، ولا خلها، وكذلك إذا كان تمرا محدودا لم يأكل دبسه ولا خله، وإذا حلف لا يأكل مال فلان، ولا من مال فلان، فزال ذلك المال إلى الحالف، أو إلى غيره فأكل منه لم يحنث، لأنه قد زال، وليس ذلك المال مال فلان، وإن حلف على شيء محدود من مال فلان لا يأكل منه، فزال ذلك إلى الحالف، أو إلى غيره، فأكل منه حنث، وقيل في رجل حلف لا يشتري ولا يتزوج، فاشترى شراء وتزوج امرأة، ثم تبين له أن الشراء الذي اشتراه منتقض وفيه عيب، وتزويجه فاسدا، فلا يقع عليه الحنث في التزويج، لأن ذلك ليس بتزويج، إذا تبين له أنه لا يجوز، أو هو حرام بوجه من الوجوه، وأما الشراء فيمكن أن يرضى بالعيب الذي فيه، ويتم فيه البيع ويلزمه الحنث، والله أعلم.
Shafi 117