في الزكاة قال الله تعالى: { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } * وقال: { وآتوا حقه يوم حصاده } * وقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة فيما سقته السماء والأنهار، وفيما سقته الدلاء، وبينها في الثمار فيما يجب، ومما تجب، وفيما لا تجب به، فوجوبها في الثمرة مما أنبتت الأرض من الثمر والزبيب والبر والشعير والسلت* والذرة، وقد قيل: إن السلت هو جميع الحبوب، وقيل هو الشعير الأقشر فمن قال إن السلت هو جميع الحبوب فالزكاة في جميع الحبوب المأكولة كلها، منها ما سقته السماء والأنهار والزواجر والدلاء، ففيما سقته السماء والنهر العشر في ثمرة تام، وما سقي بالدلاء فنصف العشر، ولا يحمل الزرع الذي سقي بالزجر على الزرع الذي سقي بالنهر حتى يتم في كل واحد منهما نصاب الزكاة وإذا أصاب الزرع جائحة من سلطان أو حمله السيل، أو ذهب بشيء من الآفات قبل أن يعرف مبلغ كيله فلا زكاة فيه، وكل نخل لا تشرب بزجر ولا نهر العشر في ثمرتها تام، إذا بلغت الثمرة ثلثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - -وهو ثلاثون جربا- فالعشر قد وجب فيه وما سقته السماء والنهر العشر تام، وإذا أسس الزرع على الفلج ثم أدرك على الزجر فقول على ما أسس، وقول على ما أدرك، وقول بالحساب ما سقي بالفلج وبالزجر فيخرج منه الزكاة، وكذلك القول في النخل مثل الزرع، إذا سقت بالفلج والزجر، والله أعلم، والزجر والدلاء نصف العشر، فهذا المقدار منه ما يجب فرض الزكاة، ويدل على ذلك ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: »ليس فيما دون خمسى أوسق صدقة«، والوسق ستون صاعا فذلك ثلثمائة صاع، وقيل إن وزن الثلاثين جرى من تمر الفرض تسعمائة من بمن نزوى، ومن الساير ثمانمائة ومن وفراسلة البسر خمسون منا بمن نزوى والله أعلم، وقيل من وجبت عليه زكاة في ماله فأراد أن يخرج دراهم مكان الحب والتمر فلا يجوز له ذلك، ومن مات ولم يقسم ماله وأدركت تمرته ففيه الزكاة إذا بقي مجتمعا وكذلك قيل يجوز أن يخرج مكان الدراهم عروضا إذا كان يعدل السعر في الزكاة، وقيل إذا طنى* رجل ماله بالنداء فإنه يخرج الزكاة من جملة القيمة، وليس على الزكاة أجرة المنادي، والصدقة في ثمرة النخل إذا يبس به وصار تمرا وجبت فيه الصدقة، ولا صدقة في البسر والرطب حتى يصير تمرا، وما أكل الناس من نخلهم رطبا وبسرا فلا زكاة فيه، ولا زكاة في الحشف ولا في البسر، إلا أن يطبخ أو يغلى ففيه الصدقة، ومن أطنى ماله فأكله المطني رطبا وبسرا ففيه الزكاة تخرج منه، ومن أطنى ماله وعرف مبلغ التمر أخر تمرا، وإن لم يعرف أخرج من الدراهم العشر من كل عشرة درهما، والزبيب مثل التمر في الكيل.
الباب الرابع والأربعون
في ثمرة الزرع
وثمرة الزرع إذا بلغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، فذلك ثلثمائة صاع، وجبت فيه الصدقة على من كان له ذلك، وإن كان له شريكا في الزراعة أو في نخل وجبت فيها الصدقة أخرج من جملتها الزكاة، ويخرج من كل عشرين * واحدا وتخرج الزكاة قبل جميع الإجارات من الجملة وتجبر بها الزكاة إن لم يبلغ الزرع النصاب، وكل أرض مشتركة بين قوم، أو زرع مشترك، وجبت فيه الزكاة فالزكاة على الجميع، والعامل تبع لصاحب الزرع، والثمرة في الزكاة، وإذا لم تجب منه لم يلزم العامل، وإن كان بعض الشركاء يجب عليه في زرع له آخر أخذ الزكاة إذا حمله على حصته من هذا أخرج الزكاة من زراعته ومن الذي له من الشركة، وحمل بعضه على بعض، والعامل تبع له في حصته من الزكاة في ذلك، ومن زرع أرضا ولغيره فالزكاة عليه فيها وفي زراعته، وإن امتنح أرضا* فزرع فالزكاة عليه إذا وجبت فيها وفي زراعته، ومن اكترى أرضا وزرع فالزكاة عليه ولا تحمل زراعته على صاحب الأرض.
الباب الخامس والأربعون
Shafi 81