في الأذان والإقامة والأذان سنة على الكفاية، والإقامة سنة متبعة في صلاة الفريضة للواحد والجماعة، على الكفاية تجزئ إقامة الإمام لهم، والمؤذنون أمناء والأئمة ضمناء، ولا يجوز الأذان للصلاة قبل وقتها في الصلوات كلها، إلا صلاة الفجر، فقد جاز ذلك لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: »إن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرد غائبكم ويسحر صائمكم، فإذا سمعتم أذان ابن أم مكتوم فصلوا«، وإن بلالا كان إذا أذن دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، فإذا قيل له هو نائم قال الصلاة خير من النوم، وروي أن عبدالله بن زيد رأى في النوم هذا الأذان فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فقال علمه بلالا وزاد في الإقامة، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ابن أم مكتوم الأذان، والإقامة مثنى مثنى، وإنما أفرد الأذان معاوية وقيل إن أذان الجمعة أذان وإقامة، وهذا الذي زادوه محدثا لم يكن في أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في أيام أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد قيل إن الذي رأى الأذان رأى أن رجلا قام فأذن مثنى مثنى حتى أتم الأذان ثم قعد هنيهة ثم قام فأقام الصلاة مثنى مثنى، ثم قال: قد قامت الصلاة مرتين ثم أتم الأذان، والأذان سنة يؤمر بها فالرجال لا أحب لهم أن يصلوا جماعة إلا بأذان، وإن كانوا في بلد يؤذن فيه فإن الأذان لهم أفضل والمنفرد جائز له أن يصلي بلا أذان، ويستحب الأذان في السفر لمن يكن حيث يسمع الأذان، وإن صلى فلا بأس، والإقامة للصلاة سنة متبعة، وإذا أقام الإمام أجزأ عمن صلى خلفه، وإذا كان الرجل وحده أمر بالإقامة لاتباع السنة، ولا إقامة على المرأة، وقيل بالإقامة نؤمر، [وقيل إلى محمدا رسول الله ومن ترك الإقامة كلها متعمدا كان خسيس الحال ناقص المنزلة، وقد قيل إن الصلاة تنتقض، وفي قول أنه لا نقض عليه، وتكون ناقصة، ويستحب إذا أقام الصلاة ألا يتكلم ولا يلتفت ولا يزول عن مقامه، وأما ذلك الخبر فإنه إذا أقيمت الصلاة لم يحرم حتى يلتفت يمينا وشمالا، فإنما ذلك إذا كان الإمام غير الذي أقام، لأن الإمام قد يمكن أن يقيم له غيره، وأما إذا أقام لنفسه فلا يخطو ولا يتكلم، ويؤمر إذا أقام المقيم حي على الصلاة أن يقوم الناس إلى الصلاة لأن حي على الصلاة هو الحث عليها، وحي على الفلاح هو الظفر بالمراد، ويقول المقيم قد قامت الصلاة والناس في حال القيام للصلاة، ويستحب ألا يكون المؤذن والمقيم إلا ثقة، فإن كان غير ثقة فلا بأس على من صلى بإقامة غير الثقة، إذا كان الإمام ثقة، ولا يؤذن إلا وهو طاهر، وكذلك لا يقيم إلا بطهارة، وإن لم يكن كذلك فلا نقض على من صلى معه.
الباب السادس والعشرون
في ذكر التوجيه
والتوجيه قبل الإحرام سنة مؤكدة، وقد اجتمع الناس عليها، وقيل إنها فريضة وقد بلغنا رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك فزاد أصحابنا في التوجيه توجيه إبراهيم عليه السلام: { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } * ويستحب التوجيه للمصلي بهذا كله، فإذا أتم التوجيه لم يتكلم بشيء ولا يلتفت إلى شيء غير الصلاة وما يقال فيها، وأقبل عليها بكل قلبه، ومما يدل على أن الكلام لا يجوز في الصلاة ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: »صلاتنا هذه لا يصلح أن يتكلم فيه بشيء أو يقال فيها بشيء من كلام الآدميين الشك مني«، والكلام في الصلاة لا يجوز فيها ويقطعها إلا قول: سبحان الله لمعنى الصلاة ومن ترك التوجيه متعمدا انتقضت صلاته، وإن نسي فلا نقض عليه، وقد قيل إنه يعيد إذا نسي التوجيه كله، والله أعلم.
Shafi 38