لفعل الصلاة واستقبال القبلة وإذا أراد المصلي القيام للصلاة استوى ونوى أن يصلي فرضا أو نفلا، واستقبل القبلة لقوله: { وقوموا لله قانتين } *، قيل إنه دائمين وقيل مطيعين وقيل قائمين، وكل هذا سواء وصواب، والأعمال بالنيات، واستقبال القبلة لقول الله تعالى: { فول وجهك شطر المسجد الحرام } * وكل هذا لا تقوم الصلاة إلا به، فإن قام على غير طهر بلا عذر له وصلى فلا صلاة له، وإن حول وجهه إلى غير القبلة متعمدا في غير عذر فلا صلاة له، وإن لم ينو أنه يصلي الفريضة لم تصح له صلاة، حتى يكون على ما وصفنا من ذلك، ومن استقبل غير القبلة ناسيا أو نوى القبلة وتحراها وهو زال عنها فصلاته جائزة، ومن تحير عن القبلة وتحراها وصلى جازت صلاته، وإن لم يعلم بالقبلة -وقد صلى بغض صلاته- تحول إلى القبلة واستدار إليها ولا تنتقض صلاته، ومن لم يعلم بالقبلة فأعلمه بها ثقة قبل قوله وصلى إلى ذلك، وإن أعلمه بها غير ثقة لم تكن حجة عليه وعليه التحري للقبلة، ولا يقلد في القبلة، والعلم بالوقت، إلا الثقة، والمؤذنون أمناء الأئمة ضمناء على ائتمنوا عليه في علم الوقت، وينوي في صلاته أنه يؤدي فريضة إذا صلى بصلاة الإمام أدى فرضه بصلاة الإمام، أو بصلاة الجماعة، وإذا كان وحده نوى أن يصلي الفريضة، وأن نوى الفريضة وأحرم ثم سها عنها ثم ذكر فليرجع إلى ذكر صلاة الفريضة، ويمضي على صلاته ولا نقض عليه فيما عارضه في نيته، والنية لب العمل، فيجب على العميد إحكام النية واستقبال القبلة لأداء الواجب، والقيام مطيعا لله في أداء ما افترض عليه من الصلاة، والقيام والخشوع لله، والتواضع فيها، وترك العبث كله، ولا يعبث المصلي بشيء من ثيابه ولا جسده ولا لحيته، ولا ينقع أصابعه، ولا يرفع نظره إلى السماء أمام رأسه، ويكون نظره موضع سجوده، ويرسل يديه إرسالا في قيامه ولا يستمع ولا يستاخ كلام غيره، ولا يصغي لاستماع غيث ولا رعد ولا صائح، ولا يتزر ولا يحل إزاره إلا أن يرتخي فيشده، ولا يعتم ولا يحل عمامته إلا أن ترتخي فيردها مكانها، وإن وقعت على وجهه عزلها، وإن وقع رداؤه أخذه، وإن تباعد عند اشتمل بإزاره، وإن خلف عليه أن يسرق أو تحمله الريح وقد تباعد منه أخذه وابتدأ صلاته، إلا أن تكون نحو خطوة أو خطوتين أخذه وبنى على صلاته، ويكون بسحب رجليه سحبا لا يرفعهما في خطوه، ومن رفع قدميه في الصلاة نقض صلاته، وقيل تجوز الصلاة بالكوش والنعل، إذا كان من ضرورة من حر أو برد، ولا يشغل المصلي وكان طاهرا، وإن تزايد في التثاؤب انتقضت صلاته، وإن ضحك انتقضت صلاته، وإن قهقه انتقض وضوءه وصلاته، وإن قطع شعرة من بدنه أو لحيته متعمدا انتقضت صلاته، ولا يشبك أصابعه ولا ينقع مفاصله ولا أصابعه في الصلاة، وإن وقع في عينه شيء أو في سمعه ما يشغله عن صلاته أخرج ذلك عنه، وإن آذاه شيء أذاه بدنه مما يشغله حك ذلك عنه، وإن وقع عليه شيء يخاف أن يلدغه صرفه عن نفسه بأقل حركة، وإن مسح ناخبا أو ذبابا عنه لم يضره إذا خاف أن يشغله، وإن وقع علي دبي أخرجه، وإن أحجفت به حية أو عقرب قتلهما إذا خافهما، وابتدأ الصلاة أحب إلي، وقد قيل يبني على صلاته، وإن أصابه قيء أو رعاف* في الصلاة انصرف وتوضأ ويبدأ بصلاته، وعند أصحابنا أنه يبني على صلاته ما لم يبتعد عنها -والابتداء أحب إلي- ولا يرفع المصلي نظره إلى السماء أمام رأسه فينقض ذلك صلاته، والمقعد إذا صلى قاعدا ثم قوى على القيام وهو في الصلاة فإنه يبتدئ الصلاة من أولها قياما، وإن رفع رأسه قدامه فهي ناقصة، ولا يلتفت في الصلاة التفاتا يرى منه ما خلفه لأن ذلك ينقض عليه، وإن التفت يمينا أو شمالا فهي ناقصة، لأنه جاء النهي ألا يلتفت التفات الثعلب، ولا ينقرها في السجود نقر الديك، وذلك لا تتم الصلاة، وهي ناقصة، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب، وذلك مما يكون به غير تام وهي ناقصة ولا نقض عليه، ولا يقعي في الصلاة إقعاء القرد فتكون ناقصة، ولا يقعد على عقبيه كعقب الشيطان، ولا يتربع في صلاته ولا يجعل يده على صدره كالمغلولة يده، ولا يرفع يديه في صلاته، ويقبل عليها بكل قلبه ويذكر الحساب، وقيل إذا نسي الرجل شيئا من الصلوات لم يصلها، فعليه أن يصليها إذا ذكرها، فإن صلى الحاضرة وصلى بعد ذلك الذي نسيه في الصلاة ففي لزوم الكفارة اختلاف، والذي عليه العمل أن البدل يكفيه، والله أعلم.
ومن نام بعد أن علم بدخول وقت الصلاة ثم انتبه، وقد فات وقتها فعليه الكفارة والبدل، وإن نام قبل ذلك فلا شيء عليه إذا انتبه بعد فوات وقتها]*.
الباب الرابع والعشرون
في ما يقطع المصلي صلاته
وللمصلي أن يقطع صلاته من المطر إذا خاف منه الضرر على نفسه وعلى طعامه، والحريق والسيل الذي يخاف منه ، أو لصبي يقع في شيء يخاف أن يهلك فيه، أو أحد وقع في بئر فينقذه من الهلكة، أو يخاف على طعامه إن وقعت فيه دابة تأكله، أو لدابة ابتعدت عنه يخاف أن تذهب أو لثوب تحمله الريح إلى موضع يخاف أن يسرق، وما كان مثل ذلك فله أن يقطع صلاته، ويحرز ذلك ثم يستأنف الصلاة وليس له قطعها لغير معنى، قال الله تعالى: { ولا تبطلوا أعمالكم } * ويكون العمل كله لوجه الله وابتغاء مرضاته واتباع أمره، خوفا من عقابه، وطلبا لثوابه، ولا يرائي في صلاته ولا في عمله، فإن الرياء يحبط العمل.
الباب الخامس والعشرون
Shafi 36