فأما الإنسان الحي فإنه مركب من النفس الحيوانية والناطقة والطبائع الأربعة وقد ذكر الفيلسوف أن الكواكب حية ولها أنفس ناطقة فهي بالنفس الناطقة التي لها وبأنها حية وبحركاتها الطبيعية تدل على اتفاق النفس الناطقة والحيوانية في البدن بإذن الله كما ذكرنا فيما تقدم وللنفس الناطقة قوة الفكرة والاختيار وللبدن قوة قبول الممكنات فإذا دلت الكواكب على اتفاق النفس الحيوانية والناطقة والبدن فقد دلت على الواجبة والممتنعة والممكنة لأن الإنسان الحي له الحياة التي هي واجبة له والامتناع من الطيران والإمكان لأن يقبل المرض أو الصحة والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وفيه أن يتفكر في أشياء كثيرة ويختار أحدها والقوة التي بها يختار الشيء من شيء آخر بالفكرة فيه إنما هي للإنسان دون الحيوان كله وإمكان قبول الشيء وخلافه إنما هو للأجسام وأفاعيلنا إنما تكون بتقدمة فكرتنا في الشيء الذي نريد فعله فإذا تقدم في النفس أن فعل الشيء وخلافه ممكن فعلنا أحدهما أو استشرنا فيه
والمنجم إنما ينظر إلى الأشياء التي فيها قوة الإمكان لقبول الشيء وخلافه إلى ما يؤول الأمر فيه ولا ينظر إلى خاصيتها لأنه لا ينظر المنجم في صناعة النجوم هل النار محرقة أم لا لأنه يعلم أنها محرقة ولا ينظر في دلالات الكواكب هل الثلج بارد أو لا لأنه يعلم أنه بارد ولكنه ينظر هل تحرق النار غدا جسما من الأجسام القابلة للإحراق أم لا وهل يبرد الثلج غدا شيئا من الأشياء القابلة للتبريد أم لا وهل يكون غدا مطر أم لا وهل يختار الإنسان أن يكلم غدا فلانا أم لا أم يمشي غدا أم لا وإنما ينظر في هذه الأشياء لأن هذه الأشياء ممكن أن يكون وأن لا يكون فإذا دلت الكواكب بحركاتها الطبيعية على أن شيئا من الأشياء لا يكون فهو ممتنع أن يكون وإذا دلت على كون شيء من الأشياء في وقت الدلالة معا سواء بسواء فكونه من الواجب وإن كانت تدل أنه يكون في زمان مستقبل فدلالتها على كون ذلك الشيء ئنما إنما هي بالقوة إلى الوقت الذي يكون فإذا كان الشيء صار كونه من الواجب وكذلك الإنسان الذي لا يمنعه من الكلام آفة فإن الكلام فيه بالقوة إلى الوقت الذي يتكلم فإذا تكلم صار ذلك الكلام في ذلك الوقت من الواجب والنار أيضا فإنها وإن كانت محرقة فالإحراق فيها قبل أن تفعل بالقوة فإذا أحرقت صار الإحراق من الواجب
Shafi 122