ومضى المستر تروتر يقول: «ولو أني وجدت سيدا محترما يتولى هذه المسألة بنفسه، لكان لدي شيء من الأمل في منع هذا الاختطاف، ولكن هنا أيضا الصعوبة ذاتها يا مستر ووكر؛ فإني لا أعرف سيدا في هذا المكان الغريب، ولو وجدت لما صدق قصتي في الغالب، ولأنكرها إنكارا.»
ووثب سام فجأة من مجلسه، وأمسك بالرجل «التوتي» من ذراعه وهو يقول: «تعال معي، إنني أعتقد أن سيدي هو الرجل الذي تريده.» وحاول جوب تروتر الامتناع قليلا، ولكن سام سار بهذا الصديق الذي اكتشفه حديثا إلى غرفة المستر بكوك، فقدمه إليه بعد خلاصة موجزة للحديث الذي دار منذ لحظة بينهما.
وقال جوب تروتر وهو يقرب من عينيه منديلا قرنفلي اللون، يكاد يبلغ ست بوصات مربعة، قائلا: «إنني ليحزنني كثيرا يا سيدي أن أخون مخدومي.»
وأجاب المستر بكوك: «إن هذا الشعور يشرفك كثيرا، ولكن هذا هو واجبك على أية حال.»
وقال جوب بانفعال شديد: «أعرف يا سيدي أن هذا هو واجبي، وأننا جميعا نحاول أن نؤدي واجبنا يا سيدي، وأنا بكل خشوع أحاول تأديته، ولكن من التجربة القاسية خيانة عهد سيد ترتدي ثيابه، وتأكل خبزه، ولو كان في ذاته مجرما يا سيدي.»
وتأثر المستر بكوك كثيرا من قول الرجل فقال: «إنك امرؤ خير، وإنسان أمين.»
وهنا تدخل سام، وقد رأى الدمع يجول في عيني تروتر، ولكنه لم يطق صبرا على هذا الموقف، فقال: «كفى، كفى، دع هذا البكاء جانبا؛ إنه لا فائدة منه مطلقا، لا فائدة.»
وقال المستر بكوك لخادمه معاتبا: «يؤسفني يا سام أن أراك قليل المبالاة بشعور هذا الشاب.»
وأجاب المستر ولر قائلا: «إن شعوره يا سيدي جميل، وما دام الأمر كذلك، ومن الأسف أن يفقده، فمن الخير أن يبقيه في جوانحه، بدلا من أن يتركه هكذا يتبخر ماء ساخنا، وخاصة أنه لا فائدة منه ولا نفع، إن الدموع لم تملأ في يوم من الأيام ساعة فارغة، ولا حركت آلة بخارية، وإني لأنصح لك أيها الشاب إذا ذهبت بعد اليوم إلى الجلوس مع جماعة من المدخنين، أن تملأ قصبتك بهذه الفكرة التي شرحتها لك، وأما في اللحظة الراهنة، فأرجوك أن تضع هذا المنديل القرنفلي في جيبك، إنه ليس جميلا حتى تحتاج إلى تركه هكذا مرفرفا خفاقا في الهواء، كأنك أحد الراقصين على الحبال.»
وقال المستر بكوك مخاطبا جوب: «إن خادمي على حق، وإن كانت طريقته في التعبير عن رأيه طريقة غير مهذبة، ولهذا تبدو أحيانا غير مفهومة.»
Shafi da ba'a sani ba