واما في احوال معادهم ، فهو انه لما كانت السعادة الاخروية لا تحصل الا بكمال النفس ، بالمعارف الحقة والاعمال الصالحة ، وكان التعلق بالامور الدنيوية وانغمار العقل في الملابس البدنية ، مانعا من ادراك ذلك على الوجه الاتم ، والنهج الاصوب ، أو يحصل ادراكه لكن مع مخالجة الشك ومعارضة الوهم ، فلا بد حينئذ من وجود شخص لم يحصل له ذلك التعلق المانع ، بحيث يقرر لهم الدلائل ويوضحها لهم ، ويزيل الشبهات ويدفعها ، ويعضد ما اهتدت اليه عقولهم ويبين لهم ما لم يهتدوا اليه ، ويذكرهم خالقهم ومعبودهم ، ويقرر لهم العبادات والاعمال الصالحة ما هي؟ وكيف هي؟ على وجه يوجب لهم الزلفى عند ربهم ، ويكررها عليهم ليستحفظوا التذكير بالتكرير ، كي لا يستولي عليهم السهو والنسيان ، اللذان هما كالطبيعة الثانية للانسان ، وذلك الشخص المفتقر اليه في احوال المعاش والمعاد هو النبي ، فالنبي واجب في الحكمة وهو المطلوب.
وإلى هذا القول ينتظر قوله : (ثم الشارع لا بد) له من (ان يمتاز باستحقاق الطاعة).
ويجب في النبي العصمة ليحصل الوثوق بافعاله واقواله ، فيحصل الغرض ، من البعثة ، وهو متابعة المبعوث اليهم له في اوامره ونواهيه ،
(وهو) أي الامتياز المذكور (انما يتقرر بآيات تدل على ان شريعته من عند ربه وهي المعجزات).
قال بعض الفضلاء : وانما كان ظهور المعجزة طريقا لمعرفة صدقه
Shafi 47