============================================================
نهاح القاصدين وشفيد الصادفين الأعصاب ومنابتها(1)، فكذلك أمور العقائد والآخرة، فيها لطائف ليس في قوة العقل الإحاطة بها، كما أن في خواص الأحجار أمورا خفي علمها على (2) أرباب الصناعة، حتى إنه لم يعرف أحد(3) منهم السبب الذي به يجذب المغناطيس الحديد، فليكفك من منفعة العقل أن يذلك على صدق الرسول ، ويفهمك موارد إشاراته، ثم اعزله عن التصرف(4)، ولازم الاتباع تسلم.
بيان ما بدل من ألفاظ العلوم اعلم أن منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية تحريف الأسامي المحمودة وتبديلها، ونقلها بالأغراض الفاسدة إلى معان لم يردها السلف الصالح، وهي خمسة ألفاظ: الفقه والعلم والتوحيذد والتذكير والحكمة.
أما الفقه فإنهم تصرفوا فيه بالتخصيص لا بالنقل، فخضوه بمعرفة الفروع وعللها، ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقا على علم طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات التفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، ويدلك على ذلك قوله تعالى: ليتفقهوا فى الزين وليندروا قومهر} [التوبة: 122]، وإنما يحضل(5) الإنذار بما ذكرنا.
وقد سئل سعذ بن إبراهيم(2): أي أهل المدينة أفقه؟ فقال: أتقاهم. وقال الحسن(): إنما الفقيه الزاهذ في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، (1) كذا في الاصل والإحياء، وفي (ظ): (مبانيها) .
(2) في (ظ): "عن4.
(3) كذا في (ظ) والإحياء، وفي الأصل: "واحد".
(4) في (ظ): النظره.
(5) في (ظ): "الأصل".
2) هو سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تابمي جليل، توفي سنة 125ه. "سير اعلام النبلاء 5/ 418.
(7) يعني الحسن البصري.
Shafi 40