============================================================
77 ربع العبادات ( الباب الثاني: في بيان العلم المحمود فضل (في بيان علم المعاملة] فأما علم المعاملة، وهو علم أحوال القلب، كالخوف والرجاء، والرضا، والصدق، والإخلاص، إلى غير ذلك فيه ارتفع كبار العلماء، وبتحقيقه اشتهرث أذكارهم، كسفيان، ومالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، وسيأتي من أخبارهم في غضون كتابنا ما يدل على يلوغهم نهاية المعاملة.
وقد أفردت لسفيان كتابا كبيرا(1)، جمعث فيه أخباره وفضائله، وللإمام أحمد أيضا (2)، وذكرت مالكا والشافعي (3) في كتابي المسمى ب "صفة الصفوة"، فلتطالغ أخبارهم من تلك المواضع: وإنما انحطث رتب المتسمين بالفقهاء والعلماء عن تلك المقامات لتشاغلهم بصور العلم من غير أخذ على النفس أن تبلغ إلى حقائقه، وتعمل بخفاياه، وأنت تجد الفقيه يتكلم في اللعان، والظهار، والسبق، والرمي، ويفرع التفريعات التي تمضي الدهور ولا يحتاج إلى مسألة منها، ولا يتكلم في الإخلاص، ولا يحذر من الرياء، وهذا فرض عينه الذي في إهماله هلاكة، والأول فرض كفاية ولو أنه سئل عن علة تركه المناقشة للنفس في الإخلاص والرياء لم يكن له جواب، ل ولو سئل عن علة تشاغله بمسائل اللعان والرمي لقال: هذا فرض كفاية. ولقد صدق، ولكن خفي عليه أن الحساب فرض كفاية أيضا، فهلا تشاغل به؟! وإنما تبهرج (4) عليه النفس، لأن مقصودها من الرياء والسمعة يحصل بالمناظرة لا بالحساب.
() يعني كتابه: لامناقب سفيان الثوري". انظر "مؤلفات ابن الجوزي" لعبد الحميد العلوجي: (2) يعني كتابه: لمناقب الإمام أحمد" وقد ظبع بدار هجر في القاهرة سنة 1409ه 1998م بتحقيق الدكتور عبد الله التركي (3) للمؤلف كتاب بعنوان "مناقب الشافعي". انظر "مؤلفات ابن الجوزي": 224.
4) البهرج: الباطل والرديء، والبهرجة: أن يعدل بالشيء عن الجادة، أي: أن ينحرف عن الصواب. القاموس والسان: (بهرج).
Shafi 37