Matsayi Daga Metaphysics
موقف من الميتافيزيقا
Nau'ikan
5
هنالك ضربان من الاختلاف: (1) اختلاف في الرأي. (2) واختلاف في الميل والهوى.
6 (1)
أما اختلاف الرأي فهو هذا الذي يقع بين الباحثين في العلوم الطبيعية، وبين المتحدثين في شئون الحياة اليومية الجارية (ونستثني الآن ما يمس أمور الأخلاق والجمال؛ لأنهما موضوع البحث)، فإذا اختلف عالمان طبيعيان في كيفية انتقال الضوء، فهذا اختلاف في الرأي، وإذا اختلف مؤرخان في شيء يتعلق برحلة كولمبس إلى أمريكا فهو اختلاف في الرأي أيضا، وإذا اختلف شخصان على ثمن اللحم في السوق اليوم فهو كذلك اختلاف في الرأي، وفي كل هذه الحالات جميعا، يصح النقاش بين المختلفين؛ لأن هنالك مرجعا يمكن الرجوع إليه والاهتداء به - ولو بعد حين - إلى الحق الذي تنتهي الخصومة عند إدراكه. (2)
وأما الاختلاف في الميل والهوى فشيء غير ذلك؛ لأنه ليس اختلافا في إدراك شيء موضوعي خارج عن الحالة النفسية للمتخاصمين، إنما هو اختلاف في الرغبات والأغراض، هو اختلاف بينهما فيما يشبع الحاجة عند كل منهما، فالذي يشبع الحاجة عند أحدهما مختلف عما يشبع الحاجة عند الآخر، والأمثلة الآتية توضح ما نريد.
7
رجلان أرادا اختيار مطعم مناسب يتناولان فيه طعام العشاء معا، فيفضل أحدهما مطعما فيه موسيقى، ويؤثر الآخر مطعما آخر لا عزف فيه، فهما إذن يختلفان ولا يسهل اتفاقهما على مطعم بعينه، والاختلاف مصدره تباين الرغبات وما يشبعها عند كل منهما، وبالطبع لا سبيل إلى حسم الخلاف بينهما، إلا أن ينزل أحدهما عن رغبته كارها.
رجل وزوجته يريدان إقامة حفل في دارهما، لكنهما يختلفان اتجاها، فالزوجة مزاجها أن تخالط أبناء الطبقة الممتازة بغض النظر عما يكون بينها وبينهم من صداقة أو عدمها، وأما الزوج فيؤثر أن يلازم أصدقاءه الأقدمين أيا ما كانت طبقتهم الاجتماعية، فعندئذ يختلفان في تعيين أسماء من يدعوانهم، ولا سبيل إلى الاتفاق بينهما؛ لأنه ليس هنالك حقيقة خارجية قائمة، يمكن الرجوع إليها كي ينحسم الخلاف.
أمين على متحف عام يريد أن يزود المتحف بصور أخرى تضاف إلى ما فيه من صور، ويرى أن تكون الزيادة كلها صورا لرجال الفن المعاصرين، لكن مستشاره يأبى عليه ذلك، ويصر على أن تكون صور المتحف لرجال الفن الأقدمين، فها هنا أيضا خلاف في الميل والذوق، لا سبيل فيه إلى اتفاق بالرجوع إلى فيصل خارجي كما هي الحال في العلوم الطبيعية مثلا.
أم ترى الأخطار في لعبة الكرة ولا تحب لابنها أن يشترك فيها، والابن نفسه يرى أن في اللعبة نفس الأخطار التي تراها أمه فيها، لكنه مع ذلك يريد أن يشترك في اللعب، فها هنا اتفاق على الحقيقة الموضوعية؛ لأنهما متفقان على الأخطار المحتملة الوقوع، ثم هما بعد ذلك يختلفان في الرغبة، فالأم ترغب في شيء، والابن يرغب في شيء آخر، وواضح أن الاتفاق بينهما لا يقرره شيء خارج عن نفسيهما معا. «وهكذا يقال عن شخصين: إنهما يختلفان في الميل حين يقفان وقفتين متعارضتين إزاء شيء بعينه، فأحدهما يقبله والآخر لا يقبله.»
Shafi da ba'a sani ba