Matsayi Daga Metaphysics
موقف من الميتافيزيقا
Nau'ikan
3
حين نريد القول بأنها قد أريد بها أن تصف شيئا خارجا عن ذات القائل، ولمن شاء أن يراجع هذا القائل في مطابقة الوصف على الشيء الموصوف، ليرى إن كان وصفا صادقا أو كاذبا، وهذا التقسيم في استعمال اللغة، هو نفسه ما قصد إليه الأستاذ رتشاردز حين جعل اللغة إما تستعمل «استعمالا علميا» أو «استعمالا انفعاليا»،
4
وهو يريد بالاستعمال العلمي أن تجيء العبارة وصفا لشيء خارجي، لا يتدخل فيه الإنسان بمشاعره، كأن يصف الجغرافي - مثلا - جبال الهملايا من حيث ارتفاعها وتكوين صخورها ... وهكذا، ويريد بالاستعمال الانفعالي للغة أن تجيء العبارة معبرة عن الحالة الوجدانية لقائلها.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نقسم مذاهب الأخلاق قسمين: مذاهب تصويرية، وأخرى تعبيرية.
فمن الفلاسفة الأخلاقيين فريق يرى أن أية عبارة تعبر بها عن حقيقة أخلاقية، كقولنا مثلا: «إن الوفاء بالوعد واجب» أو «إن الإحسان إلى الفقير خير.» إنما هي عبارة تصف شيئا كائنا بغض النظر عن نفس القائل ومشاعره ، فهنالك - في رأيهم - في العالم الخارجي أعمال يمكن مشاهدتها تسمى «الوفاء بالوعد»، وهنالك صفة تصف تلك الأعمال، هي صفة «واجب» ليست من خلق الإنسان ولا من خياله، إنما هي صفة موضوعية - كارتفاع جبال الهملايا - لا دخل للإنسان فيها، ولا حيلة له في تغييرها أو تحويرها، وكل ما عليه في هذا الصدد هو أن يسجل ما هنالك واصفا له ومقررا لما يجده تقرير الناقل الذي لا يحذف مما يرى شيئا ولا يضيف شيئا، وكذلك قل في العبارة الثانية «الإحسان إلى الفقير خير.» فصفة «خير» كأية صفة أخرى من الصفات الموجودة فعلا، والتي ستظل موجودة في الأشياء، سواء بقي على ظهر الأرض إنسان يراها ويحللها، أو فني الناس عامة. عند هذا الفريق من فلاسفة الأخلاق أن المعنى الأخلاقي قائم كائن ذو خصائص معينة، فإذا ما جاء الإنسان ووصف معنى من هذه المعاني نتيجة لبحث قام به في الأشياء الخارجية أو في ذات نفسه، فهو إنما يصف حقيقة لم يكن له يد في إيجادها ولن يكون له يد في تغييرها، وإذن - فمن وجهة نظرهم هذه - تكون «القيمة» موضوعية تدرك وتوصف بعبارة وصفية علمية، ولئن رأينا الشعوب المختلفة في العصور المختلفة قد تباينت في أحكامها الخلقية، فليس ذلك راجعا إلى كون المعاني الخلقية نسبية تتغير بتغير الناس، بل هو اختلاف في تشخيص الحقيقة ووصفها على النحو الصحيح، كما قد اختلف الناس يوما في شكل الأرض أمسطح هو أم كري، وسيجيء يوم يستطيعون فيه جميعا أن يهتدوا إلى حقيقة أخلاقية واحدة، يرونها جميعا على السواء ويصفونها جميعا وصفا يشتركون فيه، كما قد جاء يوم اهتدوا فيه - بعد خلاف - على شكل الأرض، وكذلك قل في الحقائق الجمالية.
ومن الفلاسفة الأخلاقيين فريق آخر يرى غير ذلك الرأي، إذ يرى أن العبارة الأخلاقية - وكذلك الجمالية - هي جملة تعبيرية، لا تزيد على كونها تعبيرا عما في نفس القائل من شعور ذاتي خاص به، وعندئذ يستحيل أن يقف السامع منه موقف المصدق أو المكذب لما يقول؛ لأنه لا سبيل إلى مراجعته فيما يقول، وكيف يراجعه وهو لم يقل عن العالم المشترك بينهما شيئا، إنما نطق بشيء أشبه بالصراخ - مثلا - أو بقهقهة الضحك؟
وإلى هذا الفريق الثاني ينتمي صاحب هذا الكتاب، وهو يحاول بهذا الذي يكتبه أن يقنع القارئ بهذه الوجهة من النظر.
3
ما معنى أن يختلف اثنان (أو أن يتفقا) في حكم أخلاقي معين؟ هل يكون اختلافهما (أو اتفاقهما) شبيها بنظيره في العلوم الطبيعية، بحيث لا يكون الفرق بين اختلافهما على حكم أخلاقي وبين اختلافهما على حكم من أحكام العلوم الطبيعية الأخرى، إلا بمقدار ما هنالك من فرق في مادة البحث؟ «إننا إذا استطعنا أن نجيب عن هذا السؤال، فقد ظفرنا بما يحدد لنا المشاكل المعيارية [الخاصة بالأخلاق والجمال مثلا] بوجه عام.»
Shafi da ba'a sani ba