وكان العالم عالم الجسم مماثلا في كونه أجزاء معلومة، وأعيانا متغايرة، وصورا مختلفة لعالم اللغات والنطق، كان منه العلم بأن ائتلاف أجزائه مع العلم بأنها غير قادرة على حركة، ولا هي حية ولا عالمة، فيتوهم أنها ائتلفت (1) بذاتها واجتمع إلى بعض بعضها لو كان جائزا، وكونها مع ائتلافها متضادة متنافرة لم تكن إلا بفعل فاعل وجمع جامع، وإذا كان ائتلافه لم يكن إلا بفعل فاعل والفاعل الصانع، فالصانع ثابت.
البرهان الرابع (2):
لما كان سمة ما لا يستحيل عما عليه عنصره ولا يتغير ولا يقبل الفعل أن يكون لا مفعولا، وكان سمة ما يقبل الفعل الذي به يستحيل من حال إلى حال ويدخل عليه التغيير أن يكون مفعولا، وكان العالم بأفلاكه ونجومه ومواليده لا نراه على حالة واحدة من أن تكون إذ الكواكب أبدا طالعة أو غارية، أو أن يكون أبدا نهارا وليلا، أو أن تكون الموجودات من المواليد أبدا باقية على حالتها، وكانت الاستحالة من حال الكينونة الطلوعية والنهارية إلى حال الفسادية، والغروبية والليلية فيه موجودة، كان من ذلك العلم بأن من قبيل ما يقبل الفعل به يستحيل ويتغير (3) إن مفعولا، وإذا كان (4) من قبيل من يقبل الفعل (5) كان مفعولا.
وإذا كان صح مفعولا انتفى فاعلا، والفاعل هو الصانع، إذا الصانع ثابت.
Shafi 30