والبعض بالبعض متصل، كالباب الذي كله خشب وهو ذو أبعاض وأجزاء، وصورة بعض أجزائه التي هي الألواح مخالفة لصورة الاجزاء الأخرى التي هي الأعمدة وغيرها، فكل ذلك تباين صورته متصل والبعض بالبعض منتضد (1).
ومعلوم أن كل شئ جمعه، والشئ الآخر معنى من المعنى فهو في ذلك المعنى وإن كان كل واحد منهما يختص بمعان (2) آخر مثله وشكله، ولما وجدنا معنى تخالف الاجزاء والنضد قد جمع العالم والباب، وكان الباب لم يجتمع أجزاؤه إلا بفعل فاعل، كان العالم في أجزائه (3) لم فالمحدث يقتضي محدثا صانعا، والصانع ثابت.
البرهان الثالث:
لما كان في المشاهد أن عالم اللغات على أنواعها من لغة العرب، والفرس، والعبراني، والسرياني، والنبط، والروم، والزنج، والترك، وغير ذلك مؤلف من أجزاء معلومة معدودة مثل الحروف البسيطة التي: آ، ب، ت، ث، وبها تسكن العبارة (4) عما في النفس من صور المحسوسات والمعقولات بالنطق، وكانت هذه الحروف لا تأتلف من ذواتها إلا بمؤلف يؤلفها فيقدم واحدا أو يؤخر واحدا مثل قولنا فضة، التي لم يكن تقدم الفاء وهو في أصل الحروف بعد الضاد على الضاد التي هي في الأصل قبل الفاء إلا بتقديم مقدم وتأخير مؤخر.
Shafi 29