عليه وجب به ضرب وضارب، قلنا: إن علة الشئ في وجوده غير عين الشئ كما نرى عيانا أن علة وجود حركة الطاحونة غير الطاحونة، وعلة وجود حركة أشخاص (1) الحيوان غير الأشخاص، إذ لو كانت ذواتها علة لحركتها لكانت أبدا متحركة لوجود ذواتها، ولكانت حينئذ لم تكن علة بل كانت عين الشئ، ولما كنا نراها باقية بعد الحركة لا تتحرك.
صحيح أن علة وجود الأشياء غير ذواتها، وكان العالم بما يحويه ذاتا واحدة بمعنى أنه من حيث الجسمية شيئا واحدا، وكان البعض منه متحركا والبعض ساكنا، ثبت أن حركة المتحرك وسكون الساكن لا من قبل ذاته، إذ لو كان من قبل ذاته لكانت الابعاض كلها متحركة أو ساكنة ، إذ الذوات ذات واحدة، وإذا ثبت أن حركة المتحرك منه، وسكون الساكن منه لا من قبل ذاته، وجب أن يكون من يتحرك مسكن يحفظ نظام الكل وترتيبه (2) وهو غيره، والمحرك المسكن هو الصانع، إذ الصانع ثابت.
البرهان الثاني:
لما كان العالم بكليته جسما ذا أجزاء وأبعاض معدودة (3) متغايرة بالاشكال والصور مثل ما نعاين أن صورة الأفلاك والكواكب التي هي أبعاض المعالم غير صورة الماء وصورة النار، وشكلها غير صورة الأرض والهواء، وصورة أشخاص المواليد غير صورة الهواء والأفلاك، وكل ذلك على تباين صورة منتضد (4).
Shafi 28