موسى بن مسعود، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن الزهرى، عن عياض بن خليفة، عن على رضى الله عنه، قال: (الرحمة في الكبد، والرأفة في الطحال) .
حدثنا أبى، حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكرى، حدثنا صلاح بن وقاد الأنصارى، عن سعد بن طريف، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن داود ﵇ قال لابنه: يا بنى، أين موضع الرأفة منك؟ وأين موضع الرحمة؟ قال: موضع الرأفة الطحال، وأما موضع الرحمة فالكبد.
فهذه الرأفة إذا هاجت فلها لهبان، وإذا طار اللهب إلى الصدر اخترق ظاهر القلب ووجهه، فصار كاللسان المخترق بالشيء الحار، فصارت على القلوب كحزونة الأرض، واشتقاق الحزن من ذلك؛ فكان يعقوب ﵇ حين قال: (يا أسفى) دعا الأصل الذى من معدن الرأفة، فقال: (يا أسفى) .. إنما هو ذلك اللهبان الذى كان يلتهب من الرأفة لفراق يوسف ﵇ لطول الغيبة، ولم يكن قد وجد خبر موته فيحتسبه عند الله، فيطمئن إلى وصوله إلى الله.
وأنبياء الله أكثر الخلق رأفة، وأوفرهم حظا منها، وأرحم البرية؛ فكانت الرأفة تلتهب فيه، فلما بلغ التلهب والتلظى مبالغة دعاة كالمستروح إليه وقال: (يَا أَسفَى عَلَى يُوسُف) . والأسف مما يدل على الشدة من الحزن والغضب جميعا؛ لأن الغضب له حريق.. ألا ترى إلى قوله تعالى: (فَلَمّا
1 / 75