إبراهيم بكى، ثم قال: (إنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، القلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول ما يسخط الرب يا إبراهيم. لولا أنه سبيل مأتى، ووعد حق، لحزنا عليك أشد من هذا. ولو عاش إبراهيم بعدى لكان صديقا نبيًا) . ثم قال لأصحابه: (إنما نهيتكم عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت رنة عند مصيبة، وصوت مزمار عند نعمة) . فهذه الرنة صرخة من موضع السخط خرجت، وهذا المزمار ملاهى الشيطان، صوته جاء بها فمازج هذا المزمار، وجاء بها فصوت في الأوثان، حتى سبى قلوب عبدة الأوثان. ولهذا غور بعيد، وقد وصفناه في كتاب " الأولياء ".
وقالت عائشة رضى الله عنها في شأن وفاة سعد بن معاذ: كان رسول ﷺ إذا اشتد به الحزن أخذ بلحيته.
ووجدنا ذكر يعقوب ﷺ في التنزيل أنه حزن على يوسف ﵇، فلم يذمه الله تعالى على ذلك مع ما أدى الحزن من نفسه؛ وذلك أنه قال عندما استحكمت أمور البلاء عليه، وحبس الولد الآخر بسبب ما ادعى عليه من السرقة: (وَتَولَى عَنهُم وَقالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف) .
ويا كلمة دعاء ونداء الأسف للهبان الحريق؛ وذلك أن الحزن أصله من الرأفة، والرأفة لها حريق، ومعدنها في الطحال.. كذلك روى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه، حدثنا بذلك العباس بن عبد العظيم العنبرى، حدثنا
1 / 74