فصلٌ (^١)
إذا تقرر هذا الأصل فنقول: موافقتهم في أعيادهم محرمة لا تجوز من طريقين:
الطريق الأول العام: هو ما تقدَّم من أنَّ هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي ترکه مصلحة مخالفتهم، كما تقدمت الإشارةُ إليه، ومن جهة أنه من البدع المحدَثة.
ولا ريبَ أن هذه الطريق تدلُّ على كراهة الموافقة لهم والتشبُّه بهم في ذلك، فإن أقل أحوال التشبُّه بهم الكراهة، وكذلك أقل أحوال البدع. ويدلّ كثير منها على تحريم التشبّه بهم في العيد، مثل قوله: "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم" (^٢) وقوله: "خالفوا المشرکين" (^٣)، ومثل ما ذكرنا من دلائل الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأعيادُهم من سبيلهم، إلى غير ذلك من الأدلة.
فمن نظر فيما تقدم تبين له دخولُ هذه المسألة في كثير مما تقدَّم من الدلائل العامة نصًّا وإجماعًا، وتبيَّن له (^٤) أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل، وأنه محرَّم، بخلاف ما لم يكن من خصائص دينهم، مثل: نَزْع النعلين في الصلاة، فإنه جائز، كما أن
_________
(^١) "الاقتضاء": (١/ ٤٧٨).
(^٢) تقدم تخريجه ص / ٥١.
(^٣) تقدم ص/ ٤٠.
(^٤) من قوله: "دخول ... " إلى هنا ملحق في الهامش، وأصابته رطوبة.
1 / 79