[60] وقد يعرض الغلط في الاختلاف أيضا من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن المبصرين إذا كانا متشابهين في معان لطيفة تكون فيهما، وكانا مختلفين في لونيهما أوشكليهما أو عظميهما أو في المعاني الظاهرة التي تكون فيهما، فإن ذينك المبصرين إذا أدركهما البصر من بعد تخفى منه المعاني اللطيفة التي فيهما التي يتشابهان فيها ويظهرمنه المعاني الظاهرة التي فيهما، فإن البصر يدرك ذينك المبصرين مختلفين ولا يحكم لهما بشيء من التشابه. وربما قطع باختلافهما ولم يشك في ذلك إذا لم يدرك المعاني التي يتشابهان فيها في حال إدراكهما وأدرك في الحال المعاني التي يختلفان فيها والبعد الذي تخفى منه المعاني اللطيفة التي تكون في المبصر التي بها يدرك حقيقة صورة المبصر هو بعد خارج عن الاعتدال بالقياس إلى ذلك المبصر.
[61] وإذا أدرك البصر المبصرين المتشابهين بوجه من الوجوه مختلفين على الاطلاق، ولم يحس بشيء من تشابههما، ولم يشك في اختلافهما، فهو غالط فيما يدركه من اختلافهما. والغلط في الاختلاف هو غلط في القياس لأن الاختلاف ليس يدرك إلا بالقياس ولأن هذا الغلط إنما هو لتعويل البصر على المعاني الظاهرة فقط وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصرات التي بهذه الصفة إذا أدركها البصر من أبعاد معتدلة فإنه يدرك تشابهها ويدرك صورها على ما هي عليه ولا يعرض له الغلط في تشابهها واختلافها إذا كانت المعاني الباقية التي في تلك المبصرات في عرض الاعتدال.
[62] فعلى هذه الصفات وأمثالها يكون غلط البصر في القياس من أجل خروج أبعاد المبصرات عن عرض الاعتدال.
<غلط البصر في القياس من أجل خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال>
.ا.
Shafi 444