[58] وقد يعرض الغلط في التشابه أيضا من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال على الوجه الذي تقدم. وذلك أن المبصرين إذا كانت فيهما معان لطيفة مختلفة، أو كانت فيهما أجزاء صغار مختلفة في الشكل أو في الوضع أو في المقدار أو في مجموع ذلك، وكان المبصران مع ذلك متشابهين في اللون أو في جملة الشكل أو في العظم أو في مجموع ذلك، فإن البصر إذا أدرك المبصرين اللذين على هذه الصفة من بعد تخفى منه المعاني اللطيفة التي يختلفان فيها فإن البصر يدرك ذينك المبصرين متشابهين ولا يحس بالمعاني التي يختلفان فيها، وربما لم يشك في تشابههما ولم يحكم لهما بشي ء من الاختلاف. والبعد الذي تخفى منه المعاني اللطيفة التي تكون في المبصر هو بعد خارج عن الاعتدال بالقياس إلى ذلك المبصر.
[59] وإذا أدرك البصر المبصرين المختلفين بوجه من الوجوه متشابهين على الإطلاق ولم يشك في تشابههما فهو غالط في تشابههما. وهذا الغلط هو غلط في القياس لأن التشابه ليس يدرك إلا بالقياس ولأن هذا الغلط إنما هو لتعويل البصر على المعاني الظاهرة وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال لأن المبصرات التي بهذه الصفة إذا كانت على أبعاد معتدلة بالقياس إلى هذه المبصرات فإن البصر يدرك صورها على ما هي عليه، ويدرك الاختلاف الذي فيها ولا يعرض له الغلط في تشابهها واختلافها، إذا كانت المعاني الباقية التي في تلك المبصرات في عرض الاعتدال.
.ك.
Shafi 443