264

Littafin Manazir

كتاب المناظر

Nau'ikan

[15] والذي يدل دليلا واضحا على أن المعاني والصور إذا تكررت على النفس كانت أثبت في النفس من العاني والصور التي لم تتكرر على النفس هو أن الإنسان إذا أراد أن يحفظ علما من العلوم أو أدبا من الآداب أوخبرا أو ما يجري مجرى ذلك، فإنه يكرر قراءة ذلك المعنى مرات كثيرة، فإذا كرر قراءته ثبت في نفسه، وكلما كرره أكثر كان أشد ثبوتا وأبعد نسيانا، وإذا قرأه مرة واحدة لم يثبت في نفسه، وإن قرأه مرات قليلة أيضا لم يثبت في نفسه وإن ثبت نسيه سريعا، وإذا نسي الإنسان شيئا قد كان حفظه فإنه إذا عاود درسه وكرره مرات كثيرة عاد حفظه لذلك المعنى وثبت في نفسه. فمن الاعتبار بهذا المعنى يتبين بيانا واضحا أن الصور التي ترد على النفس كلما تكررت كانت أثبت في النفس وفي التخيل من الصور التي لم يتكرر ورودها على النفس.

[16] فأما الصور الكلية التي تحصل في النفس لأنواع المبصرات وتكون متشكلة في التخيل فإن لكل نوع من أنواع المبصرات هيئة وشكلا يتساوى فيها جميع أشخاص ذلك النوع، وتختلف تلك الأشخاص بمعان جزئية مما يدرك بحاسة البصر أيضا. وربما كان اللون في جميع أشخاص النوع واحدا. والهيئة والشكل واللون وجميع المعاني التي تتقوم منها هيئة كل شخص من أشخاص النوع هو صورة كلية لذلك النوع. والبصر يدرك تلك الهيئة وذلك الشكل ويدرك كل معنى تتساوى فيه أشخاص النوع من جميع الأشخاص التي يدركها من أشخاص ذلك النوع، ويدرك أيضا المعاني الجزئية التي تختلف بها تلك الأشخاص مع اتفاقها في المعاني الكلية. فبتكرر إدراك البصر لأشخاص النوع الواحد تتكرر عليه الصورة الكلية التي في ذلك النوع مع اختلاف الصور الجزئية التي لتلك الأشخاص. وإذا تكررت الصورة الكلية على النفس ثبتت في النفس واستقرت. ومن اختلاف الصور الجزئية التي ترد مع الصور الكلية عند تكررها تدرك النفس أن الصورة التي تتساوى فيها جميع أشخاص ذلك النوع هي صورة كلية لذلك النوع. فعلى هذه الصفة يكون حصول الصور الكلية التي يدركها البصر من أنواع المبصرات في النفس وفي التخيل.

Shafi 325