[17] وكذلك إذا كانت أشخاص على وجه الأرض، وكانت متساوية الأقدار أو ليست أقدارها متفاوتة الاختلاف، وكانت مختلفة الألوان، وكان بعضها بيضا ساطعة البياض وكان بعضها ذا ألوان مشرقة وبعضها ترابية أو منكسف الألوان، وكان الضوء المشرق عليها واحدا، ثم قصدها قاصد من بعد شديد، فإنه يرى البيض منها الساطعة البياض قبل أن يرى شيئا من الأشخاص الباقية. ثم إذا قرب ظهرت الأشخاص المشرقة الألوان قبل أن تظهر الترابية والمنكسفة الألوان. ثم كلما قرب ظهرت له الباقية إلى أن يظهر له جميعها ويحس بها معا.
[18] فيلزم من ذلك أن تكون الأبعاد التي يصح أن يدرك منها البصر المبصرات، والأبعاد التي تخفى منها المبصرات، إنما تكون بحسب ألوان المبصرات.
[19] ونجد أيضا الأبعاد التي يصح أن يدرك من مثلها مبصر من المبصرات، والأبعاد التي يخفى من مثلها مبصر من المبصرات، إنما تكون بحسب قوة البصر. فإن الحديد البصر قد يدرك مبصرا من المبصرات من بعد قد يخفى منه ذلك المبصر بعينه في تلك الحال بعينها عن الضعيف البصر.
[20] فيلزم من جميع ما ذكرناه واستقريناه من أحوال أبعاد المبصرات أن تكون الأبعاد التي يصح أن يدر من مثلها مبصر من المبصرات، والأبعاد التي يخفى من مثلها مبصر من المبصرات، إنما تكون بحسب ذلك المبصر بعينه وبحسب أحواله وبحسب المعاني التي فيه وبحسب البصر أيضا الذي يدركه بعينه في قوته وضعفه.
Shafi 69