فرضنا الذات هي المقتضية لا غير هذا خلف.
واعلم أن الآراء لم تتفق على هذا ، فلنتجرد لذكرها وفسخ ما احتجوا به فنقول : اما الأوائل فقد زعموا أن الله تعالى واحد من كل جهة ، وأن الواحد يستحيل أن يصدر عنه الا واحد ، وقد مضى تقدير هذا وما يرد عليه ، قالوا : فذلك الواحد يستحيل ان يكون علة الا لعقل على ما مضى ، ثم ذلك العقل فيه جهتا وجوب وتعقل للأول باعتبارهما كان مبدأ العقل آخر وجهتا ماهية وامكان باعتبارهما كان مبدئا لهيولى الفلك المحيط وجهتا وجود وتعقل لنفسه باعتبارهما كان مبدئا لصورة الفلك المحيط ، ثم هكذا الترتيب في العقول والأفلاك الى أن ينتهي الى الفلك التاسع المحيط بالأرض اعني فلك القمر والى العقل الأخير العاشر الذي هو العقل الفعال ، ثم يفيض هيولى العالم العنصري وصوره والحوادث التي في هذا العالم بحسب استعدادات المواد الحاصلة بسبب الحركات الفلكية.
ونحن لما أثبتنا كونه تعالى قادرا اندفعت هذه الكلمات ، وأيضا فقد جوزنا استناد الكثرة الى البسيط وأصول كلامهم قد سبق فسادها.
وأما النظام فانه قال : إن الله تعالى غير قادر على القبيح (1)، لأن صدوره عنه يستلزم الجهل او الحاجة وهما محالان فيكون الملزوم كذلك.
والجواب الجهل والحاجة لا زمان للوقوع لا للقدرة عليه.
سؤال : الوقوع إذا كان محالا لم تتحقق القدرة.
جواب : استحالة الوقوع بالنظر الى الداعي لا الى كون الفعل مستحيلا ، والقادر ليس هو الذي يصح منه الفعل على كل وجه بل هو الذي يصح منه الفعل على بعض الوجوه ، فالداعي لو تحقق على فعل القبيح لتحقق الفعل.
Shafi 264