مناهج اليقين
* في أصول الدين
Shafi 39
مقدمة المؤلف
* بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله منشئ الفطر ، خالق البشر ومميزهم بقوتي العمل والنظر ، تعالى في كبريائه وعظمته وجل في جبروته وصمديته ، وصلى الله على خير خليقته محمد النبي وعلى الصفوة من عترته السالكين نهج طريقته.
** وبعد
بحسب تفاوت متعلقاتها ومختلفة في القدر بسبب (1) اختلاف معلوماتها ، ولا شك أن أشرف الأشياء هو واجب الوجود تعالى وتقدس فالعلم به يكون أعلى وأنفس ، والعلم المتكفل به هو علم الكلام (2) الناظر في ذات الله تعالى وصفاته
وتارة بأنه علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الاسلام (شرح المقاصد ج 1 ص 3)، وعليه فيكون علم الكلام مجرد العلم بذات الله وصفاته سواء كان في خدمة الاثبات الى الغير أم لا بل كان معرفة بحتة.
ولهذا سمى الغربيون علم الكلام تارة ب «ديالكتيك kitkeluiD وهو مناسب للتعريف الاول ، وتارة ب «تئولورى yjoloehT وهو مناسب للتعريف الثاني.
ثم انهم ذكروا وجوها متعددة لعلة تسمية علم الكلام بهذا الاسم ، ونحن ننقل هنا كلام العلامة في مقدمة كتابه : نهاية المرام (النسخة الخطية للمكتبة الرضوية ص 3 4) قال العلامة :
«خصص هذا العلم باسم الكلام من وجوه :
الف : العادة قاضية لتسمية البحث في دلائل وجود الصانع وصفاته وافعاله الكلام في الله
Shafi 41
والمعلوم فيه كيفية تأثيراته.
فدعانا ذلك إلى إنشاء مجموع يحتوي على مباحثه الشريفة ودقائقه اللطيفة مع تلخيص المذاهب المنقولة عن القوم الذين سبقونا من المتكلمين والأوائل من الحكماء المدققين والإشارة الى قواعد الفريقين وحجج القبيلين وتحقيق الحق منهما وتمييزه عن الباطل ، معتمدين في ذلك على مبدأ الكل ومفيض (1) العدل ، وقد وسمناه : بمناهج اليقين في اصول الدين ، والله المستعان وعليه التكلان.
وقبل الخوض فلنبدأ أولا بذكر مقدمة تكثر الفائدة بها وهي :
العلم تصور باعتبار حضور المدرك في الذهن وتصديق باعتبار كون الحاضر حكما ، ويطلق الاول على معنى اخص ، ويقتسمان الى (2) الحاضر في الذهن ، وكل منهما ضروري ومكتسب ، وما قيل : من أن الاول ضروري كله ، فقد
ب : انكر جماعة البحث في العلوم العقلية والبراهين القطعية ، فاذا سألوا عن مسألة تتعلق بالله تعالى وصفاته وافعاله والنبوة والمعاد ، قالوا : نهينا عن الكلام في هذا العلم فاشتهر هذا العلم بهذا الاسم.
ج : هذا العلم اسبق من غيره في المرتبة ، فالكلام فيه اسبق من الكلام في غيره فكان احق بهذا الاسم.
د : هذا العلم أدق من غيره من العلوم والقوة المميزة للانسان وهي النطق انما تظهر بالوقوف على اسرار هذا العلم ، فكان المتكلم فيه اكمل الاشخاص البشرية فسمي هذا بالكلام لظهور قوة التعقل فيه.
ه : هذا العلم يوقف منه على مبادي سائر العلوم ، فالباحث عنه كالمتكلم في غيره فكان اسمه بعلم الكلام اولى.
و: ان العارفين فيه بالله تعالى يتميزون عن غيرهم من بني نوعهم بما شاهدوه من ملكوت الله واحاطوا بما عرفوه من صفاته ، فطالت ألسنتهم على غيرهم فكان علمهم اولى باسم الكلام.»
Shafi 42
ابطلناه في كتبنا المنطقية (1)، والمكتسب يكتسب بالأول بطريق مثله فلا دور ولا تسلسل.
والكاسب في الأول الحد او الرسم (2)، وضابط الحد ان المركبات تحد ويحد بها ان كانت جزءا لغيرها والبسائط لا تحد ويحد بها ان كانت اجزاء (3)، والحد منه تام يشتمل على مجموع المقدمات وناقص يذكر فيه المساوي الذاتي ، والرسم منه تام يذكر فيه الذاتي الأعم والعرضي المساوي وناقص يذكر فيه الاخير.
ومغلطات الحد والرسم ان لا يعرف بالمساوي في العموم وان يعرف بالمساوي في المفهوم وبالأخفى وبما يتوقف عليه معرفته بمراتب او بمرتبة واحدة ، وفي الثاني القياس وهو ما يشتمل على مقدمتين يتوصل بهما الى علم او ظن.
** قاعدة :
حصل تصور الطرفين كفى في الجزم بالنسبة بينهما وسواء كان التصور نظريا أو ضروريا ، ومن هاهنا وقع الشك لبعض الناس في الضروريات.
Shafi 43
المنهج الاول
في تقسيم المعلومات
* وذلك على نوعين
Shafi 45
* الأول :
كل معلوم فإما أن يكون واجبا أو ممكنا أو ممتنعا.
** وهذا النوع من القسمة يشتمل على مسائل :
** مسألة
ثم التصور الذهني قد يطابق الامر نفسه فيسمى علما وقد يخالفه فيكون جهلا ، فالكيفية من حيث هي هي مادة ومن حيث التصور جهة ، ونظرنا الآن في الأول.
** مسألة
ذكر شيء على سبيل التعريف اللفظي لم يكن فيه إحالة.
فالواجب هو الذي يستغني في وجوده عن المؤثر ، والممكن هو الذي يفتقر.
فالواجب أن (2) يوجد بذاته والممكن أن (3) لا يوجد بذاته بل بغيره لست أقول إن استحقاق العدم بذاته فإنه حينئذ يدخل في حيز الامتناع ، بل ليس
Shafi 47
استحقاق الوجود من ذاته ، والفرق ظاهر.
** مسألة
فهو موجود وإلا فلا ، وقيل : لو كان ثابتا لكان واجبا والا لكان ممكنا فيكون الواجب أولى بالإمكان وحينئذ يتسلسل ، وأيضا فإنه صفة للواجب ، فلو كان ثبوتيا لكان مفتقرا الى الموصوف فيكون ممكنا وهذان قويان.
** تقسيم :
الوجود مستغنية عن كل ما عداها ، وقد يكون بالغير وهو الذي إنما وجوده له لغيره فهو من حيث ذاته لا يستحق الوجود ومن حيث علته واجب ومن حيث عدمها ممتنع (1).
** قاعدة
غير مستحق للوجود هذا خلف ، مخلص (2) ظهر من هذا أن الواجب لا يتركب عن غيره والا لوجب به ، وانه واجب من جميع جهاته والا لكان من بعض الجهات ممكنا.
** مسألة
ففيه خلاف وأثبته الأوائل والا لما وقع الفرق بين نفي الإمكان وبين الإمكان المنفي لاستحالة التمايز في العدميات ، والحق أنه كالأول لما مر ، والأوائل جوزوا تسلسل الاستعدادات ، ويعارضون في حجتهم بالامتناع (3).
** مسألة
Shafi 48
** أحدها :
** الثاني :
** الثالث :
** الرابع :
والأول يشمل الواجب والبواقي إن نظر الى طرف الوجود ويشمل الممتنع والبواقي ان نظر الى طرف العدم.
** قاعدة
الوجوب ، خلافا لمحمود لانه معها يمكن المرجوح فيطلب العقل العلة ويتسلسل ، فإذن لهذا الممكن وجوبان : أحدهما هذا ، والثاني وجوبه اللاحق له ، فإن كل موجود على الإطلاق فإنه بالضرورة موجود ما دام موجودا ، ويسمى هذا الوجوب الضرورة بحسب المحمول.
** مسألة
لو كان واجبا لكان الممكن الذي هو شرط الإمكان واجبا ، والحق أن يقال : إن عني بثبوت الإمكان للممكن الثبوت العيني كان فرعا على ثبوت الإمكان ونحن قد أسلفنا بطلانه ، وإن عني الثبوت الذهني لم يكن واجبا لوقوع الشك في بعض الأشياء هل هو ممكن أم لا ، الا ان نعني (2) به أن العقل اذا حكم بثبوت الإمكان لشيء فإنه يكون واجب الثبوت له وهذا حق ، لكن الوجوب هنا وجوب بحسب المحمول فلا يلزم وجوب الممكن ، والخلاف في الإمكان الأول اما الاستعدادي
Shafi 49
فلا شك في زواله.
** تذنيب
للكلي الا في جزئياته ولأنه يلزم التسلسل.
** مسألة
متى عقلنا كون الشيء ممكنا جزمنا بان وجوده له بغيره ، ولو شككنا في جواز وجوب الحادث لذاته لشككنا في احتياجه ، ولأن الحدوث صفة الوجود المتأخر عن تأثير القادر المتأخر عن احتياجه إليه ، فلو كان علة الحاجة هي الحدوث تأخر الشيء عن نفسه بمراتب (3).
قيل عليه : يجوز أن يكون الحدوث علة غائية فجاز تأخيرها ، وفيه ضعف (4).
«واذ قد عرفت حدوثها فالذي يدل على انها تحتاج الى محدث وفاعل ، فهو ما قد ثبت ان تصرفاتنا في الشاهد محتاجة إلينا ومتعلقة بنا وانما احتاجت إلينا لحدوثها فكل ما شاركها في الحدوث وجب ان يشاركها في الاحتياج الى محدث وفاعل» (شرح الاصول الخمسة ص 94)، وقال قريبا منه الغزالي في : قواعد العقائد ص 152.
وقد سماهم صدر المتالهين قوما من الجدليين المتسمين باهل النظر واولياء التمييز العارين عن كسوة العلم والتحصيل ... (الاسفار ج 1 ص 206).
ولكن الحكماء ومتأخري المتكلمين جعلوا علة الحاجة هي الامكان كما جاء في المتن انظر أيضا : فخر الدين الرازي ، المباحث المشرقية ج 1 ص 134.
Shafi 50
ولأن الأثر إنما يحتاج الى المؤثر حالة العدم عندهم ، لأن حالة الوجود حالة الاستغناء وحالة الحدوث هي حالة الوجود ، فلو كان الحدوث علة الحاجة لزم تقدم الحكم على العلة وأنه محال.
** احتج مشايخ المتكلمين بوجهين :
** احدهما :
حدوثه بأن يكون مستحيلا او ماضيا او قديما لم تتعلق قدرتنا به ، فقد تعلق الحدوث بقدرتنا بحسب الدواعي وانتفى بحسب الصوارف ، فعلم أنه العلة المحوجة للأثر إلينا دون باق الصفات.
** الثاني :
يحتاج فيها الى الفاعل وكذلك حالة البقاء لانها حالة الاستغناء فبقيت حالة الحدوث.
** والجواب عن الأول :
واجب لذات الوجود الحادث فيستغنى عن المؤثر ، سلمنا أن متعلق القدرة هو الحدوث ، لكنه لا يدل على انه العلة في التعلق.
** والجواب عن الثاني :
ذلك لكنه لا نقول إن الباقي مستغن عن المؤثر فإنه حالة البقاء ممكن.
واعلم ان سبب غلط هؤلاء القوم هو أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات ، فإن الحادث مفتقر الى المؤثر لا لحدوثه بل لوجوب مقارنته بالجواز (1).
** تذنيب
Shafi 51
** الأول :
والكل باطل ، اما الأول فلأنه يستحيل أن يكون الشيء في ثاني الحال مفتقرا الى الوجود السابق لأنه يكون تحصيلا للحاصل ، واما الثاني فلاستحالة اتصاف الماهية بالوجود مرتين ، وأما الثالث فليس كلامنا فيه لأن كلامنا في احتياج الشيء لأجل وجوده لا لأجل ماهيته.
** الثاني :
الصرف المحوج الى المؤثر.
** والجواب عن الأول :
الممكن لا يستحق من ذاته الوجود ، فاذا وجد فقد ترجح الوجود لمرجح ، فإذا فرض زوال المرجح زال الرجحان ومع زواله يبقى الذات على مقتضاها من الجواز.
** وعن الثاني :
عن مقتضاها وهو التساوي في الزمن المستقبل والا لوجب ان يكون الذوات باقية ابدا لان الذات مقتضية للرجحان في الزمن الأول ، فلو كان هذا كافيا في استمرارها لما جاز العدم عليها.
Shafi 52
النوع الثاني من القسمة
اعلم أن كل معلوم فإما (1) أن يكون موجودا أو معدوما.
** فههنا ابحاث :
** الأول في الحصر :
ان العقل الصريح حاكم بصدق هذه المنفصلة الحقيقية فلا يفتقر فيه الى برهان ، وجماعة من المتكلمين ظنوا أن هاهنا قسم (2) آخر غير موجود ولا معدوم سموه الحال (3)، وتحقيق القول في الحال أن نقول :
اذا علمنا امرا من الأمور فإما أن يكون ذلك الأمر راجعا الى الإثبات أو
وقال الايجي : ان بطلانه ضروري لان الموجود ماله تحقق والمعدوم ما ليس كذلك ولا واسطة بين النفي والاثبات ضرورة واتفاقا. (المواقف ص 57 وشرحه ج 3 ص 2).
لكن بعض اهل التوحيد من العرفاء قد قبلوا نظرية الاحوال وجعلوها واسطة بين الوجود والعدم ، قال ابن العربي : «فالاحوال لا موجودة ولا معدومة» ، وقال القيصري في شرحه على تلك العبارة : «فالاحوال والاحكام كلها لا موجودة في الاعيان بمعنى ان لها اعيانا في الخارج ولا معدومة بمعنى انها معدومة الاثر في الخارج» (شرح فصوص الحكم ص 8. 4).
Shafi 53
راجعا الى النفي ، والذي يكون راجعا الى الإثبات فلا يخلو إما ان لا يضاف الى غيره أو يضاف ، فإن كان لا يضاف الى غيره فهو الذات ويحد بأنه الثابت الذي يعلم غير مضاف الى غيره ويخرج عنه الصفة لأنها تعلم مضافة إلى غيرها ، وأما إن كان يضاف الى غيره فإما أن يكون مقصورا على ما يضاف إليه مثل كون المحل أو يكون منفصلا عنه كالفعل بالنسبة الى الفاعل ، فإن كان مقصورا عليه فهو الحال ويحد بأنه الذي يثبت للذات مقصورا عليه.
فبقولنا يثبت خرج النفي ، وبقولنا للذات خرجت الذات فانها لا تثبت لغيرها ، وبقولنا مقصورا عليه خرجت الأشياء المنفصلة التي تضاف الى غيرها كالأفعال والآثار الصادرة من العلل في غير محالها فإنها لا تكون أحوالا لمحال العلل.
والفرق بين الصفة والحال فرق ما بين العام والخاص ، فإن الصفة أعم لأنها تطلق على كل أمر يضاف إلى غيره سواء كان (1) إثباتا او نفيا (2) ومقصورا عليه او غير مقصور ، واما الحكم (3) فهو ما كان صادرا عن غيره سواء كان ذاتا او صفة.
واذا تحقق هذا فنقول : لا مقدمة تستعمل في إبطال الحال اظهر من قولنا : المعلوم إما موجود وإما (4) معدوم.
** واحتج المثبتون :
فيكون الشيء عين نقيضه وهو محال ، وأيضا الأعراض تشترك في عرض هو جنس كاللون ، فهو إما موجود فيلزم قيام العرض
Shafi 54
بالعرض أو معدوم فيكون جزء الموجود معدوما هذا خلف فتثبت الواسطة.
** والجواب عن الأول :
وفي المعقولية زائد.
** وعن الثاني :
Shafi 55
** البحث الثاني في الوجود :
وهو بديهي التصور ولا حاجة فيه الى الاستدلال ، قال فخر الدين : التصديق بأن الشيء إما موجود وإما معدوم يتوقف على تصور الوجود ، والتصديق البديهي إذا توقف على تصور بديهي كان أولى بالبداهة ، وأيضا فإن تصور وجودي بديهي والوجود المطلق جزء منه وجزء البديهي بديهي.
وهذان فاسدان ، أما
** الأول :
في القاعدة السابقة ، وأما
** الثاني :
مقدمة نظرية.
** مسألة
الأوائل ومذهب أبي هاشم وأصحابه ، غير أن الأوائل زعموا أنه مقول بالتشكيك على الموجودات بمعنى أنه في بعضها أول (2) وأقدم وأشد من الباقي ، وذهب أبو الحسين البصري وأبو الحسن الأشعري ومن تابعهما الى أنه غير مشترك بالمعنى بل باللفظ اشتراك لفظ العين في مفهوماتها (3).
والدليل على ما اخترناه وجوه :
Shafi 56
** الأول :
** الثاني :
** الثالث :
ممكنا لا يخرج جزمنا بالوجود فدل على أنه مشترك بينهما.
** احتج الخصم :
** والجواب :
** تذنيب
ويتسلسل العلل والمعلولات.
ولأنا نفهم الماهية ونشك في الوجود.
ولأن الممكن من حيث هو موجود غير ممكن العدم ، ولأنا ندرك تفرقة ضرورية بين قولنا : السواد سواد ، والسواد موجود.
** احتج الخصم
مشروطا بنفسه او بغيره فيلزم التسلسل ، واما ان يكون معدوما فتكون الصفة الوجودية حالة في المحل المعدوم وهو سفسطة ، وإلا لجاز (2) أن يقال : إن السواد والسطوح المشاهدة قائمة بأجسام معدومة وهي (3) دخول في الجهالات.
** والجواب :
فيها من حيث هي هي لا باعتبار أحد القيدين.
Shafi 57
** سؤال :
** الجواب
** :
هاهنا ما هو أشد تحقيقا من هذا فنقول :
إن عني بزيادة الوجود أنه في الأعيان صفة زائدة على الماهية حال فيها والماهية محل له وقابلة له كحلول السواد في الجسم وقبوله له فهو خطأ ، وإلا لكان الوجود (3) موجودا فيتسلسل. وإن عني به أنهما في الأعيان شيء واحد لكن العقل يستفصل كل واحد منهما عن الآخر كاستفصاله الماهية النوعية الى الجنس والفصل فهو حق ، وبراهينهم لا تعطي أكثر من هذا ، فهذا تحقيق ما عندي في هذا الموضع.
** تذنيب
وليس بواحد ، نعم الكثرة باعتبار آخر يعرض لها الوحدة.
** مسألة
يكن هو الموجود أولا أو عارض فلا يكون الاشتداد في ذاته بل في الصفة ، وهذا برهان دال على أنه لا شيء من الموجودات بقابل لهما ، وهو خلاف لما عليه الأوائل وسيأتي.
** قاعدة
انظر عن تفصيل البحث عن الوجود الذهني وادلة اثباته ودفع شبهات المخالفين وبحوث شريفة انيقة حول الموضوع الى : الاسفار الاربعة ج 1 ص 263 فبعد.
Shafi 58
الشيئية ، وأنكر جماعة من المتكلمين والأوائل الذهني ، وأثبته محققوا الأوائل وهو الحق ، فإن بعض المعدومات العينية قد يحكم عليه بالأحكام الثبوتية فيكون ثابتا وليس في الأعيان فهو في الذهن.
** احتج المنكرون :
، فلو حصلت في الذهن لزم اجتماع المتضادات ، وكذلك الحال في المتماثلة.
** والجواب :
الضدين إنما هو في الأمور العينية ، وأما اجتماع الأمثال فلا يحصل في الذهن من حيث إن المماثلة المتشاركة في الحقيقة ، فالذي يحصل من أحد المثلين الى العلم السابق هو الذي يحصل من المثل الثاني فلا يتعدد الصور.
** مسألة :
على وجودها في نفسها ، فلو علل وجودها به لزم الدور.
Shafi 59
** البحث الثالث في العدم :
وهو بديهي التصور ، ومن استدل على بداهته بتوقف التصديق عليه لم يصب لما اسلفناه ، هذا في العدم المضاف ، وأما في العدم المطلق ففيه شك من حيث إن العدم المطلق لا تميز له ولا تعين فكيف يمكن توجه الإشارة العقلية نحوه.
وأيضا فإن العدم المطلق لو كانت (1) له ثبوت ذهني لكان داخلا تحت مقابله ، وأيضا لو كان له ثبوت ذهني لا مكننا رفعه الذي هو أخص منه فيكون الجزءين مقابلا.
** مسألة
ممكن الثبوت ، فالمحققون على أنه نفي محض لا ثبوت له عينا وهو ثابت في الذهن ، وأما أبو هاشم وابو علي وأتباعهما فزعموا أنه ثبات خارج الذهن ، وهؤلاء قد جعلوا الثبوت أعم من الوجود (2).
** لنا :
وقد نفى الحكماء الواسطة بين الوجود والعدم وجعلوا الشيء مساوقا للوجود وتبعهم على ذلك متكلمي الشيعة والاشاعرة (راجع : العلامة الحلي ، كشف المراد ص 35 والايجي ، المواقف ص 56 ، وشرحه للجرجاني ج 2 ص 189 ، والتفتازاني ، شرح المقاصد ج 1 ص 355)، وقد كشف العلامة هنا مناهج اليقين عن علة خطأ القائلين بشيئية المعدوم وهو انهم لم يعترفوا بالوجود الذهني كما يأتي في المتن .
Shafi 60
في الأعيان لكان موجودا ، فإن أثبتوا الوجود شيئا آخر غير الكون في الأعيان وجب عليهم أن يفيدونا تصوره أولا ثم يبرهنوا على ذلك ثانيا ، ومن قال بأن الوجود نفس الماهية أحال أن يكون الماهية ثابتة في العدم.
وأيضا فإن الماهية أزلية فلا تستند (1) الى الفاعل ، والوجود حال والحال عندهم غير معلومة ولا مجهولة ولا مقدورة ، فتكون الماهية الموجودة مستغنية عن الفاعل.
وأيضا المعدوم إن كان واحدا فوحدته إن كانت لازمة استحال تعدده بعد الوجود ، وإن كانت عارضة جاز زوالها وحصول ما به التباين ، فيكون المعدوم موردا للصفات وهو سفسطة ، وإن كان كثيرا فما به الكثرة إن كان لازما كان كل شخصين لنوع مختلفين بالماهية هذا خلف ، وان كان عارضا كان المعدوم متصفا بالصفات.
وأيضا المعدوم إما أن يكون متناهيا فتكون مقدورات الله تعالى متناهية هذا خلف ، وإما أن لا يكون فإذا وجد منها شيء ، فإن بقى كما كان ، كان الشيء مع غيره كهولا مع غيره هذا خلف وان نقص لزم التناهي.
وأيضا المعدوم إن ساوى (2) المنفي أو كان أخص فكل معدوم منفي وكل منفي ليس بثابت فكل معدوم ليس بثابت ، وإن كان أعم وجب ان يغاير المنفي فيكون ثابتا فيكون الثبوت مقولا على المنفي الأخص هذا خلف.
احتجوا : بأن المعدوم متميز وكل متميز ثابت ، اما الصغرى فلأن المعدوم معلوم لأن طلوع الشمس غدا معلوم وكل معلوم (3) متميز ، ولأن بعض المعدومات
Shafi 61