182

Majmuc

مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني

Nau'ikan

Fikihu Shia

وقد زعم بعض الحشوية أهل الضلال، الجهلة الكفرة الضلال: أن هؤلاء الجهلة لا يرجعون إلا بالاحتيال، والاستدراج والنفاق والاغتيال، وأنه يجوز للإمام وغيره أن يوهمهم، ويوقع في أنفسهم أنه على دينهم، حتى إذا اطمأنوا إليه وعظهم، بعد أن يستميل بالتوهيم قلوبهم. وتأولوا لعنهم الله وأخزاهم، وأضل سعيهم وأرداهم وزادهم عمى على عماهم، أن إبراهيم وموسى عليهما السلام دخلا مع قومهما في الضلال، ليخرجاهم من الفساد بالاحتيال، وزعموا أن موسى لما رأى قومه يشبهون الله، قال: { رب أرني أنظر إليك[الأعراف:143]، وقد علم أن الله لا يسعده إلى ما طلب، فلما لم يعطه إرادته قال لهم: يا قوم كم تطلبون رؤية الله؟! وقد ترونه قد منعني ذلك فكيف بكم؟! فزعموا أنه ردهم بهذه الحيلة عن التشبيه، وزعموا أن قوم إبراهيم لما عبدوا النجوم دخل معهم، وقال لهم: لما { رأى كوكبا قال هذا ربي } [الأنعام:76]. حتى يرجعوا معه إذا رجع، ويصنعوا من التوبة ما صنع، فيا للحشوية الويل الطويل!! والعول والعذاب الجليل!! أما سمعوا قول الله سبحانه: {فاصدع بما تؤمر } [الحجر:94]، وقوله: { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} [النساء:145]. ولئن كان الأنبياء عندهم محتالين، وبالكذب للناس مغتالين، لقد جعلوهم قدوة للمنافقين، والله يقول: { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون } [النحل:105]. ولئن لم يرجعوا بنور الحق وبهجته، لارجعوا بالباطل وظلمته، وضعفه وعجزه وركاكته، ولكن الحشوية عجزوا عن الحجج، ونورها، فدخلوا في أبواب النفاق وزورها، وإنما يدعا الناش بلين المراجعة في المقال، ويبين لهم فساد ما يعتقدون من المحال، ويوضح لهم بما هم عليه من الضلال، فإن أقبلوا إلى الحق ورجعوا، وصاروا إلى المؤمنين وأجمعوا، وإلا رفضوا صاغرين وقطعوا، فيا لعباد الله أترون موسى كان عيا جاهلا؟! وكان عن حجج المعقول غافلا؟! حتى لا يقول لهم: إن الأبصار لا تبلغ ولا تقع، إلا على ما يفترق من الأشياء ويجتمع، ولا ينظر بالعيان وبالأبصار، إلا ما كان في قطر من الأقطار، وما حوته الأقطار، وأدركته وعاينته الأبصار، فهو أصغر من محله وموضعه، وأقل من مهبطه ومطلعه، وما كان من الأشياء صغيرا منقوصا، وكان بالنقص والصغر مخصوصا، فلا بد له من صانع نقصه وأصغره، وقطع نهايته وبتره!!

فاتقوا الله يا قوم وذروا منكم التجاهل، والجنون والخبل والتغافل، وإلا فإني بريء إلى الله منكم، ومهاجر في أرض الله عنكم، وكذلك الخليل صلوات الله عليه فقد كان غير غبي بالجلال، ولا حصر بمخاصمة أهل المحال، أفهو عاجز عن أن يقول: إن النجوم لا تنفك عن الحركات والمسير؟! والاضطرار على الحركة يدل على التسخير، مع ما فيها من عجائب التقدير، وآثار الحكمة والتدبير، وإلا فما الذي خالف بين ألوانها وهيئاتها، وفرق بين أجسامها وحركاتها، لو كانت يا قوم قديمة لاتفقت، ولما تباينت ولا اختلفت. فاتقوا الله يا قوم وخافوه، ولا تغفلوا ذكر الموت وراقبوه.

Shafi 267