170

Ma'athir Sultanin

المآثر السلطانية

Nau'ikan

عندما تحول جمشيد الشمس من فلك الحوت إلى إيوان الحمل، استقر خاقان ممالك العزة والنصرة على العرش المرصع من أجل الحفل النوروزى وعلى سبيل العادة، امتلأت جيوب وذيول جميع الأمراء والوزراء أصحاب الرأى الرزين والسعادة من النوال والعطايا التى لا تزول. وبعد انقضاء أيام الحفل والفرح، اقتصرت الهمة العالية النهمة على أداء وإنجاز المهام والواجبات الملكية. وكان عبد الرحمن باشا حاكم بيان، الذى كان قد انزعج من مملكته بسبب سوء سلوك على باشا [ص 166] والى بغداد، وبسبب هذه العلة، فقد تمرد على الدولة العلية العثمانية وضرب يد التوسل والاستئمان بذيل عاطفة هذه الدولة الخالدة البنيان [إيران]، وقد عطف عليه ورعاه ملك الملوك مكرم المظلومين، وقرر أن يكون محل سكنه فى ناحية كردستان هو وقبيلته وعشيرته التى كانت تقرب من خمسة آلاف أسرة، وقد زين قامته اللأئقة بالخلاع الفاخرة والإنعامات المتكاثرة، وفد فتحت أبواب أنواع المكرمة والعناية اللائقة وجه عهده من مسئولى الدولة الصاعدة يوما بعد يوم، وقد وضعت الموائد والمنافع والإحسان فى مضيفة اماله. وقد تشرف بالصدور فرمان العالم المطاع فى صحبة ميرزا صادق المروى الكاتب ومدون الوقائع (المؤرخ) المعتمد الآخر «1» بخصوص تنصيبه وتعيينه فى دائرة حكمه، وقد تمسك على باشا بالأعذار غير المقبولة وكان يعرقل فى عقده تنفيذ فرمان ملك الملوك بإرساله الهدايا، وكان يبدو فى الظاهر أنه لا ضيق ولا تبرم فى تسليمه الملك (عبد الرحمن باشا)، ولكن فى الباطن كان يتصور أن جيش ملجأ النصرة مشغول من ناحية بمحاربة الروس ومشغول من ناحية أخرى بمحاربة أفغان قندهار وهراة وأوزبك مرو والتركستان، وبالتأكيد سيخلو معسكر الهمايون السلطانى من الرجال، وبسبب ضيق الظروف بدأ الطيران لأعلى وسلك طريق العصيان، ولم يمر على فكره وخاطره بداية ومقدمة عهد الصداقة القديمة بين الدوليتن الإيرانية والعثمانية فخرج من سواد بغداد بثلاثين ألفا من المشاة والفرسان والمدفعية وآلات ومعدات الحرب، وعن طريق" ذهاب" وصل حتى منزل" طان كرا" وتوقف فى ذلك المكان، وسحب مدفعيته على قمة التلال والجبال، وقد وصل هذا الخبر إلى سلطان الآفاق فى مرج" سلطانية"، وعلى الفور عين الخاقان العادل، الذى لم يكن يتخيل منه هذه الحرمة ولم يكن فى استعداد للحرب مع الدولة العثمانية بناء على عهود السنوات الماضية وكان يعتقد فى قوة أساس الصلح والسلام وإحكامه بين دولة إيران وتلك الدولة، وعلى الفور، [ص 167] ونظرا لوفرة غيرة الطبع الغيور ومن أجل تأديب ذلك الثمل المغرور، عين الأمير الموفق محمد على ميرزا مع فوج من الرجال الشجعان من المشاة والفرسان وعدة أشخاص من الأمراء أى إبراهيم خان ومحمد على خان شام بياتى ونوروز خان رئيس الحرس وأمان الله خان والى الكردستان وفرج الله خان الأفشارى رئيس الجلادين عن طريق همدان وكرمانشاهان، فرحل الأمير محمد على ميرزا بنفسه من كرمانشاهان ونزل بمنزل" كرند"، وعين جمعا من جيش ملجأ الظفر بقيادة فرج الله خان وأمان الله خان عن طريق السليمانية. فأرسل على باشا والى بغداد أيضا اثنى عشر ألفا من مشاة وفرسان بغداد بقيادة سليمان باشا كهيا إلى رأس عبد الرحمن باشا، الذى كان يسكن مع قبيلته وحشمه وعياله وأطفاله فى منزل" ديزه" وهى فى إقليم الكردستان، وقد انزعج هو نفسه ودخل الخوف والفزع فى قلبه بسبب استماعه لحركة الجيش المنصور إلى تلك الحدود وتحرك لواء الأمير الموفق، فرحل هو عدة منازل من منزل" طان كرا"، وانسحب وتقهقر إلى الخلف، وترك سليمان باشا كهيا أثقاله وأحماله، وهجم على رأس عبد الرحمن باشا، متصورا أنه يقوم بإنهاء أمره قبل حضور واطلاع قادة جيش إيران، وطوى اثنين وعشرين فرسخا بالطريق فى ليلة واحدة، وفى وقت طلوع الصباح أخبر عبد الرحمن باشا بهجومه، فترك عياله وأطفاله، وجمع أنصاره وأعوانه واصطف فى مواجهتهم، وبعث بشخص على عجل إلى فرج الله خان، وأطلعهم على كيفية كيد وعداوة الخصم السيئ الطوية، فهجموا سريعا [فرج الله خان وباقى قواد إيران] بسبب استماعهم لهذا الخبر ومعهم جيش ملجأ النصرة، وإلى أن وصلت مؤخرة الجيش التى كانت متأخرة، هزم عبد الرحمن باشا وكان فى أمر الهزيمة والفرار.

وعندئذ، وبسبب مشاهدة هذا الحال، استل فرج الله خان وسائر القواد سيوف الجلادة وهجموا على جيش سليمان باشا ، وبسبب استعمالهم لآلات القتال [ص 168] أظهروا ضجة المعركة، واستمرت حرب الهزيمة بينهما قائمة لمدة ساعة أو نصف الساعة وبسبب قوة طالع خديو العالم الواسع، هزم جيش بغداد، وقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص، ووقع سليمان باشا كهيا مع ألفين أو ثلاثة ألاف شخص من جيش بغداد أسرى ومقبوضا عليهم.

واستقل عبد الرحمن باشا فى السليمانية، وبعثوا بسليمان باشا إلى خدمة الأمير، وعين الأمير الموفق على منطقة" ذهاب" نوروز خان القاجارى رئيس الحراس ومعه طائفة مدانلو وطائفة وجهان بيكلو الكردية وطائفة قراكوزلو، واصطف فتاح باشا حاكمها ومعه الجيش متمنيا احتضان شاهد الفتح والنصر فى مواجهة نوروز خان، وبعد كر وفر كثير ومحاولات لا تحصى، لم يجد فى أمره فتوحا.

Shafi 211